19 مايو، 2024 10:39 م
Search
Close this search box.

أدمغتنا كبصمات أصابعنا!!

Facebook
Twitter
LinkedIn

مضى مزمجرا في كلامه , لإختلافي معه فيما يرى , متدرعا بإنفعالية عالية تعطل أنشط العقول , وحاولت تهدأته بصمت , وبعد أن خمدت أنفاس ثورته المشحونة بالعواطف والمشاعر السلبية , قلت له: لماذا كل هذا الإنفعال , فبصمات أصابعنا لا تتشابه ولا تتطابق , وكذلك أدمغتنا مثلها , فما تراه لا يتطابق مع ما أرى , ولكل إنسان رؤيته , بل لكل مخلوق قدرة على إدراك ما حوله وتحديد إستجاباته.
فارتبك واضطرب , وما أجاب , ومضى في حواره بآلية جديدة!!
المشكلة التي نغفلها في تفاعلاتنا مع بعضنا , عدم إقرارنا باختلافنا عن بعضنا , فلا وجوهنا تتشابه ولا أي شيئ فينا يتطابق , فكنه الوجود وديمومة البقاء تكمن في الإختلاف , وروعة التفاعل فوق التراب تديمه طاقة الإختلاف , التي تحرك ما عند المخلوقات من طاقات كامنة فتفيض لتعبر عن جوهرها بما يساهم في صناعة نهر الحياة الدافق.
والأدلة على أهمية وضرورة إختلافنا , ما نراه حولنا من مبتكرات أنتجتها أدمغة مختلفة , فلو نظرنا إلى ما يحيطنا من موجودات , لتبين أنها من إنتاج أدمغة أتى كل منها بفكرة وصنّعها وفقا لما يتمثله فيها.
ولو تخيلنا أن الدنيا لون واحد , لما تمكنت المخلوقات إطاقتها وتحمل البقاء فيها , لأنها ستتسبب باليأس والقنوط والكمود والخواء , والضمور والإضمحلال والفناء الأكيد.
فالإختلاف من ضرورات البقاء والرقاء والتجدد والنماء , وتأمين التفاعل المشوّق مع الدنيا , والتواصل بإنتماء وتطلع نحو آتٍ أفضل وأرقى , ويمد المخلوق أيا كان نوعه بقدرات الإضافة والتعبير الأمثل عن قدراته الكامنة.
إن الإقرار بهذه الحقيقة الجوهرية من ضرورات بناء الذات والموضوع , ومن أساسيات قوة الأمم والدول وتأكيد الإرادة الجمعية , المتسابكة في بودقة الصيرورات الحضارية الكبرى.
فلا قدرة على الإتيان بأصيل دون إنسباك الموجودات وتواشجها المتين , اللازم للقوة والصلادة والتماسك التفاعلي القدير.
فالإختلاف نعمة لا نعيها , ولا نجيد الإستثمار الواعي فيها , ونحسب أن أصابع اليد الواحدة متساوية!!
فهل سنتعلم كيف نكون؟!!

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب