22 ديسمبر، 2024 8:54 م

أخلاق الفرسان …وثقافة كتابة التقارير

أخلاق الفرسان …وثقافة كتابة التقارير

يقول لي استاذ اجله واحترمه :أني لا اخشى المعركة في الميدان مع فارس همام ومغوار,فشهامته وعراقة جذوره ,وطيب أصله تمنعه من القتال بأسلوب رخيص ودنيء ,وله مثلٌ عليا في المبارزة ,فهو لا يقاتل أعزل ولا ينكث عهداً ولا يغدر عندما يعطي الأمان ,فتذكرت في واقعة الخندق التاريخية المشهورة ،عندما حدثت المنازلة بين الامام علي(ع) وعمرو بن ود العامري،فارس العرب الذي تتفاخر به قريش،فقد ذكر أنّ علياً لمّا قتل عمراً لم يسلبه فجاءت أُخت عمرو حتّى قامت عليه، فلمّا رأته غير مسلوب سلبه،قالت: ما قتله إلاّ كفؤ كريم،ثم سألت عن قاتله،قالوا علي بن أبي طالب ,فأنشأت تقول :
لو كان قاتل عمرو غير قاتله لكنت أبكي عليه آخِرَ الأبدِ لكنّ قاتِلَه من لا يعاب به أبوه من كان يدعى سيّد البلد,
على المرء ان يكون لديه سمو الفرسان ونبل أخلاقهم الرفيعة في الطرح والنقد اتجاه الآخرين،وفق صيغ موضوعية متجرداً عن ذاته بعيداً عن الأهواء الشخصية والمزاجية والأنانية التي تعمي بصيرته،والتي تدفعه ولأسباب تافه ترتقي لمستوى الطفولة التي لا يحاسب بها،وذلك لضعف الإدراك الفكري المترتب عليه وعدم نضوجه لصغر السن ,إن ثقافة التقارير وكما نسميها اليوم (ثقافة حرك الأخر) اتفق بشكل كبير جداً مع كتابة التقرير المهني الكفء الذي يقوم أداء عمل المؤسسة ويشخص مواطن الضعف والقوة،فالمتابعة لما يحدث وينجز لتشخيص الخلل هو من العوامل المهمة للمضي بمسار العمل الصحيح الناجح،واختلف جذرياً وأمقت بشدة تلك الثقافة الهجينة المزرية والتي ليس لها أب نعرفه لأنها لقيطة بكل ما تعنيه ألمفردة فالكثير من الأبرياء أعدموا وشردوا وفصلوا من وظائفهم أبان النظام البائد،بسبب النهج الثقافي الحقير الذي زرع في ضعاف النفوس وتحول لدرس ثقافي يدرس وله اهمية قصوى ويجرى امتحان به،ويعطى لكل من يريد الصعود ويحصد
الامتيازات والمكاسب،وكأنه سلوك سوي يتعامل معه المرء لتحقيق ذات طموحه ، فكانت التوجيهات في اجتماعات مجلس قيادة الثورة للنظام المقبور توعز بضرورة كتابة التقارير،وتقديم منح مالية وجوائز لمن يكون تقريره يتضمن اكبر عدد من المتآمرين على الحزب والثورة ,انتهت دكتاتورية الخوف وكنت اعتقد لحدٍ كبير هذه الثقافة سوف تتلاشى بغير رجعة لما تركته من أثار سلبية في تذويب قيمة الفرد للعمل بسلوكيات منحرفة اخلاقياً،نجدها اليوم جاءت وبقناع جديد فلا يوجد فرق فالفكرة واحدة والمضمون نفسه يتجلى في كل وقت وزمان،فالحرص والمثابرة طريقها واضح ومستقيم ولايحتاج لفتوى فقهية،والسؤال يطرح نفسه لماذا لا يزال الفرد يتبنى هذا المشروع المريض ؟والجواب هو لو ان كل من قام بتقديم بلاغ كاذب وفيه رؤية سوداء تشير الى الحاق الأذى بالأخر دون الاستناد لدليل وبرهان قاطع ،يتلقى العقوبة الصارمة والقانونية اعتقد سيكون هنالك رادع لها او التخفيف من حدتها،فما الجدوى من العقاب وهنالك بعض المدراء يجدون في المنافق انه الشخص المناسب لتكليفه للقيام ببعض الأعمال الدنيئة في التجسس ومعرفة ما يدور بين أروقة العمل ،وهنالك فرق كبير بين العمل كمخبر سري ,وبين من يبلغ مسؤوله عن عمق الأزمة وينير له الطريق لمعرفته ببواطن الأمور,ولعلها تركة ثقيلة تركت أوزارها في المجتمع لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية ،فقد كانت فترة الحصار الاقتصادي انسب مرحلة لنشر هذه الثقافة مقابل الحصول على دينار زائد يساعده في الاعانة لفداحة الوضع ألمعاشي الصعب،فالمشكلة تكمن بعدم وجود رؤية صحيحة لتوحيد الخطاب الذاتي لدى المرء فالمرض جذوره موجودة وعلينا استئصاله بدلاً من أن يتحول لعدوى .