كما في اللغة حيث الاستخدامات الخاطئة لبعض من مفرداتها والتي يطلق عليها عادة الاخطاء الشائعة، في السياسة أيضا استخدامات للّغة بتعبيراتها السياسية ، اعتبرها شخصيا من الاخطاء الشائعة رغم دلالاتها اللغوية ” ليس من اللغوة ” والسياسية ” ليس من السائس” !
عادة مايقول المحللون والسياسيون والصحفيون عن الهيئة القابضة على الشكل العام للنظام بـ ” الدولة ” وحين بحثت عن معنى وهوية ومفهوم الدولة عند ابن خلدون والفارابي وارسطو وماكس فيبر الاكثر حداثة ، لم اجد فيما ذهبوا اليه أي تطابق مع مايسمى لدينا بالدولة التي سقطت عنها ابرز اعمدتها المتمثلة بحصر السلاح بيد الدولة واحتكار العنف لمنع الانفلات والحفاظ على السيادة، فدولتنا على اختلاف التسمية عاجزة حتى الآن عن حصر هذا الانفلات تاركة استخدام العنف لغيرها من التشكيلات المسلحة القادرة على فرض نفسها بأوضح واقوى مايقال عن دولة ” مال أوادم ” فاقدة الذاكرة لما يسمى السيادة !
ومفردة الحكومة لدينا تقع في نفس الاشكالية فلا حكومة لدينا جامعة لمنهج وفلسفة ورؤيا واهداف فهي تسير ” بقدرة القادر ” وعلى ” الثقة ” كما يسخر العراقيون من الاشياء التي تسير بلاهدف !
مجلس النواب هو الاعلى في تطابقه مع مقولة ” الاخطاء الشائعة ” فالمفروض ان يمثل الشعب واذا به يمثل الاحزاب وجمهورها الضئيل ، بل ان الشعب نفسه يطالب بحل مجلس مايفترض انه ممثليه الذين تساقطوا برصاص ” مجهول الهوية ” !
وعند الثلاثة ، الدولة والحكومة والبرلمان ، تبخّرت مفردة السيادة فاصبحت مادة للتندر والنكاية من خروقات السيادة على طول حدود البلاد وعرضها ، فالسيادة التي هي من مستلزمات الدولة والحكومة والبرلمان ضائعة في متاهات الاستخدام السياسي لها وان ادت الى لاسيادة كما هو الوضع الآن !
وعلى هذا الرباعي يفترض ان تقوم الديمقراطية التي اشعنا استخدامها الخاطىء في هذا العراق ، فحين يفترض بالديمقراطية ان تحقق مبدأ العدالة الاجتماعية ، نراها لدينا ممعنة في تحقيق التمايز الاجتماعي والسياسي والعرقي والطائفي في مثلث الدولة والحكومة والبرلمان والمؤسسات المرتبطة به لتتحول مفردة الديمقراطية الى نكتة معاصرة على يد قادة البلاد !
الدستور وحده خطأ شائع من المستوى الرفيع ، ففي حين يكون هو العقد الذي ينظّم العلاقات بين الافراد والمؤسسات ، يكون الدستور لدينا هو العقد الذي يعقّد تلك العلاقات ويفتح المجال للأهواء والاجتهادات المسيسة لمصالح داخلية ضيقة وخارجية منفتحة !!
المستقلون الذي تنتجهم الاحزاب كذبة كبيرة في العمل السياسي في البلاد القائم على مجموعة اخطاء شائعة في استخدام المفردات وتطبيقاتها ولي اعناقها ومفاهيمها الاصلية ، فمفردة المستقل تحيلنا دون لحظة تفكير الى حزب من الاحزاب الاكثر ” استقلالية ” فيكون المشهد العراقي مكملاً لبعضه في الكوميديا السوداء التي نعيشها !
ولو اسهبنا “بتصفيط ” الشائع من الاستخدام السياسي لتوصلنا دون عناء الى حقيقة اننا نغرق في مستنقع الاخطاء الشائعة التي يرد لنا ان نصدقها كحقائق لاتقبل الجدل مثل الدولة والديمقراطية والسلاح الذي بأمرة الحكومة !!