18 ديسمبر، 2024 10:59 م

أحوالُ اُغنيات طائِر بِغَيْرِ هُدًى

أحوالُ اُغنيات طائِر بِغَيْرِ هُدًى

إذا اللّيلُ أضواني بسَطتُ يدَ الهوى.. نصٌّ حُرٌّ مفتوح ذو شُؤونٍ وبشُجونِ طائِريّ الشطآن؛ النورَسُ والتمُّ..

وبنت اللّيل «أحلامُ الهوى»، وبنات الخدور «العَذارى»

، وللمَجالس صدور وللمَساجد صَفّ نعل وللمَراقِد كيشوانيَّة، وبنات الصُّدور «هموم عذاب القبور»

في الأُسبوع الجّاري، خبر قبر «أكبر مُعَمِّر» في العالَم، فقد أفادت صحيفة «Daily Mail» البريطانيَّة بوفاة فرنسيسكو نونيز أوليفيرا في منزله في قرية بينفينيدا في بطليوس، جنوب غربيّ إسبانيا، في يوم الاثنين الماضي بالتحديد، بعد نحو شهر من احتفاله بعيد ميلاده الـ113. للفقيد أوليفيرا نظامٌ غذائيٌّ يوميٌّ اعتمَدَ الخضراوات واحتساء قدح نبيذ أحمر،

وبنات النفس «الوَساوس»، وبنات البطون «الأمعاء»، وبنات التنانير «أرغفة الخبز»، وبنات اللَّهوّ «الأوتار». وبنت الشَّفة في البَدء «الكلمة»، وبنت العين «الفكرة»، وبنت اليمن «القهوة»، وبنت الكروم «الخمرَة»، وبنت الأرض «الحَصاة»

، وبنت اليمّ «السَّفينة» و«ابنُ اليمّ طائِر التم»

، وبنات الفكر «الآراء والأشعار»، «مصر هِبَة النيل» وابن بطوطة قال: «وليس في الأرض نهرٌ يُسمّى بحراً غيره»، ابن خلدون قال إن «النيل جعلَ مصر بستان الدُّنيا»، وأبُ الدُّنيا العِراق بَدء التأريخ العازف المُتفرّد بأوَّلِ قيثارَةٍ وبقانون اُور نمو وبعجَلَةِ حضارَتِه الاُولى فِكرَة الاتصالات.

3 تُمّوز 2013م رقم 13 شؤم انقلاب عسكر مصر، عامُ وَفاة محمد بن زارع، أكبر مُعمر في السَّعوديَّة عن عُمر ناهز 154 عاماً، حسب قناة «العربيَّة» الخبريَّة آنذاك. وبن زارع من قرية صدريد شَماليّ مُحافظة النماص، جَنوبيّ السَّعوديَّة، وخلَّفَ عائلة مِن أكثر مِن 180 شخصاً، أبناء وبنات وأحفاد. واُعتبرت الإيطاليَّة إيما مورانو، فارقت الحياة عام 2017م عن عُمر ناهز 177 عاماً. أعمار عدَد وأعمار مَدَد وبدَد وأكبر مُعمّري العالم، تناقلت وسائل إعلام عدَّة.. عام 2014، خبر دخول الهندي «ماهاشتا موراسي» موسوعة «غينيس» للأرقام القياسيَّة، ذلك لأنه الإنسان الذي عاش أكثر عدد من السَّنوات في تاريخ البشريَّة حتى الآن، بلغ عمره 179 سنة ونيفاً وتجاوَزَ الآن 183عاماً. فلا تتمنونَ الموتَ لأحَدٍ في عيد ميلادِه بقولَكُم له؛ عُقبال مائة عام!.

نعيُّ طائِر التّم نفسه

التّم الأخرس Mute Swan طائرٌ بَرمائيٌّ شَبيه البطّ العِراقيّ والإوَز أغلبُهُ أكبر حجمًا وأطوَل عُنقًا بكثير مِنَ البَطّ أو الإوز وأنواعُهُ سبعة، أربعة في نصف الكُرَة الشَّمالي والباقي في النصف الجَّنوبي. لا يرقص ولا يشدو بصَلاةِ مُوَدّعٍ مَلائِكيّ إلّا آنَ يدركهُ الموت!، مِن عائلَة Anserinae ورتبة الطُّيور المائيَّة Anseriformes، يُدعى الذكر الكُب والاُنثى القلم وصِغارهما التُميّمات، يكثر على شطآن الولايات المُتحدة الأطلسيَّة وشَماليّ أُورُبا ويُهاجر موسِميَّاً لِيبلغ نهر أمور شَرقيّ آسيا ويتفادى إفريقيا والقارَّة الجَّنوبيَّة المُتجَمّدَة، منقارُهُ مُفلطح وعُنقهُ طويلٌ وريشهُ مُقاومٌ للبلل يكسي الرّيش الأبيض كُلّ جسم التم الشَّمالي والجَّنوبي يشوبهُ لَونٌ أسوَد. وأجنحتهُ طويلَةٌ مُستدقةٌ وذيلُهُ وسيقانهُ قصار وأقدامُهُ مُكَفّفَة ذات وترات، يتواجَد دائماً على البحيرات الصَّغيرة في المتنزهات والأماكن العامَّة بريشِهِ الأبيض ومنقاره البرتقاليّ مع عقدة سوداء، والفراخ الصَّغيرة بلون بُني رمادي، يبني عشه بين القصَب أو على الجُّزر الصَّغيرة التي تتكون من مواد يأتي بها الذكر. وتفضّل الطُّيور أساسًا مناطق الجَّو المُعتدل والأميَل إلى البرودَة، وتُمكِّنها أقدامها مِن السّباحة جيدًا وإصدار التم العديد مِن الأصوات، سواء رقيقة كالصَّفير أو عالية كصوت البوق، ويُعَدُّ التم الأخرس أكثر أنواع التم الشَّمالي شيوعًا، وموطنه الأصل الأجزاء الشَّماليَّة مِن قارتي أُورُبا وآسيا. وهذا النوع مِن التم أكثر هُدوءًا لكنه يُصدر فحيحًا عاليًا عند الغضب. وهو ذو منقار برتقالي اللون به عقدة سوداء عند قاعدته، بينما أنواع التم الشمالي الثلاثة الأُخرى كُلّها ذات مناقير سود. ويعشِّش التم الصَفّار الذي يشمل تم بيويك في مناطق التندرا الباردَة الجَّرداء شَمالي قارات آسيا وأُورُبا وأميركا الشَّمالية، ويعيش التم الشَّهّاق الأُورُبيّ الآسيويّ والتم الزَمّار الأميركيُّ الشَّمالي في مناطق أكثر دِفئًا. والتم الزَمَّار أكبر أنواع التم حجمًا، زنة الذكر البالغ نحو 12كغم.

الأديبُ الطَّبيبُ الرُّسيُّ تشيخوف، طارَحَ طائِرَ التم بـ“أُغنية طائر التم الأخيرة” عام 1887م عمل واحد؛ عبرَ ثيمة فنان مأزوم مهزوم في الحياة، الهوى مع مسرحيتِه “النورَس The Seagull” عام 1896م. النورَس الوَفيّ إذا ماتت أليفته يصوم حتى الموت الزُّؤام.

ديوان “أُغنية طائر التم” للشّاعِر والباحث المغربيّ نبيل مُنصر، الصّادر عن منشورات “مرسم” بالرَّباط، حائِز جائِزَة المغرب للكِتاب لعام 2017م، قدَّم الدّيوان الشَّاعِر الكاتب المغربي محمد أحمد بنيس.

يُعبر الشّاعر مُنصر مِن خلَل الأسطورة يتصدر الديوانَ استهلالٌ يُعَرِّفُ بطائر التم، أحد طيور الميثولوجيا الإغريقيَّة، ومِن طوابعه السُّموّ الملائكي:

“جئتني/ برأس يتخبط فوقه/ الطيرُ.. وما من شعرة لم تشرب/ من أغنية الثلج. وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكلُ الطّير مِنه. النمل يسمع آهات الجسر/ والهدهد يحمل إلى الملك أُغنية/ أينعت تحت الماء. ما الذي ينتظره رجلٌ/ ينام تحت السرير/ تاركا الشرشفَ يلتحف العتمة؟/ ما الذي تنتظره امرأةٌ، تنام على الغصن/ تاركة الأفعى/ تلتهم قمراً ضريرا/ يسهر فوق سطح البيت؟/ هذا ما قالته الأُغنية في حديث الهُدهُد. جامعُ القنينات الفارغة/ تعثرت يداه ذلك الصَّباح بزجاج يموء/ زجاج يئن/ ويجرحُ. سيدوري،/ هل من غريب يقاسمني دَمعتين/ بهذا المكان الجَّريح/ الذي تسبقني فيه الطُّيور إلى ارتداء الأبيض؟. الثعبان الأعمى اختفى، تاركاً الصَّمتَ يُجلجل/ في بيتي الزُّجاجي../ وجهي الذي كان يمدّ لسانه لشِقّ الثمرة تبخر بين الغيوم/ ثمَّة أغصان ترخي كلماتٍ سوداء كاللَّعنة/ فوق رؤوس العابرين/ ثمَّة قدرٌ كالرَّحى يدور،/ وطاحونة تبتلُّ برذاذ العَتمة/ ثمَّة بزرة حارَّة تشقّ الجّلد وتضحك في الشُّريان”.

التعبيرُ ذاته في “هذه لم تكن ريحا”:

الكُرسيُّ مُحطَّمٌ/ السُّلحفاة مقلوبةٌ على الظَّهر/ الأفاعي جافلةٌ مِنَ الكنانات/ الكلبُ عالقٌ بالبئر،/ بخيوط العَتمَة/ الأوراقُ حلَّقت كلماتها إلى أشجار الفردوس/ ينابيع الأكورديون السَّبعة/ سَقت قبوراً بيضاء على الرّابية/ الإحدى عشرة ساعة تَقاتلَ فيها زنْجِيَّا الوقت/ بسيفٍ وخنجر مسمومين. هذه ليست ريحا/ هذا عويلُ مصابيحَ/ انطفأ ضوؤها في مَجَرَّةٍ بعيدةٍ/ فأقعينا مِثل شَحّاذين/ نحصي دُموعَنا في الظَّلام! يقول الشّاعِر.

https://www.youtube.com/watch?v=H9R6Mwx2ato