قبل عقود كتب شاعرنا العراقي المُبدع أحمد مطر لا فتة رائعة بعنوان : ( الثور … والحضيرة ! ) … بعدما فر الرئيس المصري الراحل أنور السادات من حضيرة الإجماع العربي ( الوهمي ! ) نحو تل أبيب حيث التطبيع مع إسرائيل … وثارت حينها ثائرة الدول العربية ( التي تدعي الوطنية ! ) … فجمدت التعامل معه ومع بلده بل وحتى مع شعبه !!! … وسحبت من مصر العروبة عروبتها … وآنتزع منها الحضن الدافئ الذي ضم ممثلية الجامعة العربية … ومنذ تأسيسها … وجعلت من أنور السادات مجرم العصر … وخائن الأمة … فأخرجوه من الملّة … وأعلنوه رمزا للعمالة والذلّة … وجعلوا منه للنكبة العربية … سببا وعلّة !!! .
واليوم … ومن خلال المشهد السياسي العراقي الجديد الذي تتلاطم وتتناطح فيه قطعان الحضائر السياسية وهي تسارع نحو المقاعد الإنتخابية … والكراسي الوزارية !!! … فيفر بين الحين والحين بعضها خارج الحضيرة … أراني مُجبرا ( لا بطل ) … أعيد قراءة تلك اللافتة الرائعة من خلال واقعنا السياسي الذي نعيش … فالكل اليوم … سُنّة وشيعة … عربا وكردا … وسائر الأقليات … يُنكرون على المالكي هروبه من حضيرة الإجماع الوطني … وتنكره لقرار إدارة دفة البلاد بشكل جماعي عادل نحو بر الأمان .
و يُتهم المالكي من الكثير من مكونات تلك الشرائح المجتمعية العراقية بفراره من حضيرة المشروع العراقي الساعي للحفاظ على سلامة ووحدة العراق والعراقيين … إلى المشروع الإيراني الساعي لجعل العراق حديقة خلفية لطهران … ليس إلا !!! … والحرص على تقديم أكبر العروض والتنازلات خدمة لمشروعهم مقابل البقاء على كرسي الرئاسة ولولاية ثالثة ! .
كل هذا بات اليوم معلوما … ولكن غير المعلوم ( ولحد الآن على الأقل ! ) … هو إستعداد الكتل السياسية الرخيصة … ورؤسائها الأكثر رخصا … للفرار من ذات الحضيرة التي فر منها المالكي … والذهاب إلى حيث ذهب … بمجرد ما يسمعوا رنين الدنانير الذهبية المختومة بختم كسرى الفرس ! .
ويتصدر صالح المطلك … عفوا مطلك النعلان … وقائمته الإمعية … تلك القوائم الفارة من الحضيرة … ولا تستغربوا إذا ما قلت لكم إن من ينافس المطلك في ذلك الفرار السقيم … هي كتلة الحل وكربولاها اللذان لن يكفي معهما قطع اليد لا من الرسغ ولا حتى من الكتف !!! … ولربما تجد الإتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الميت الحي … والغائب الحاضر … مام جلال … منافسا قويا في مثل هذا الفرار بعد الإخفاقات المتكررة له في إنتخابات مجالس المحافظات في كردستان والإنتخابات البرلمانية في كردستان والعراق … نتيجة الإنخفاض الملحوظ في نسبة شعبيتهم في الساحة الكردستانية … وتفوق حزب البرزاني وجماعة تغيير ( كوران ) عليهم .
من هنا … فاننا إذا ما راقبنا المالكي وتوجهاته لبيع العراق بعين واحدة … فان علينا أن نراقب كتل الحضيرة بالف الف عين … ليس خشية عودة المالكي الى الحضيرة !!! … ولكن خشية أن تفرغ الحضيرة !!! … وفي الختام نبقى سوية مع لافتتة … الثور والحضيرة … لأحمد مطر … والحليم تكفيه الحضيرة … عفوا تكفيه الإشارة !!! :
الثور فر من حظيرة البقر الثور فر فثارت العجول في الحظيرة تبكي فرار قائد المسيرة وشكلت على الأثر محكمة .. ومؤتمر فقائل قال : قضاء وقدر وقائل : لقد كفر وقائل : إلى السقر وبعضهم قال : امنحوه فرصة أخيره لعله يعود للحظيرة وفي ختام المؤتمر تقاسموا مربطه .. وجمدوا شعيرة ** وبعد عام وقعت حادثه مثيره لم يرجع الثور ولكن ذهبت وراءه الحظيرة