أحمد سعداوي الشاب العراقي ببشرته السمراء وابتسامته المرسومة على شفتيه دائماً ، لايحمل الشعارات وليس في مخيلته فكرة تأسيس حزب وطني من أجل هذا الوطن الذي إستباحته الأحزاب ..
بكل بساطة ووضوح إنه كاتب ..نعم بكل بساطة كاتب ..
وماذا يعني الكاتب والأديب والمثقف والمبدع في العراق ؟
إنه بلعنة السياسيين إنسان “بطران ” ..مشاغب …لسانه طويل وقلمه غير مؤدب ..وفي المحصلة لايستحق الإحتفاء به ولا إحترامه
سعداوي قدم للعالم العراق بوجه حقيقي كساحة للعنف والقتل والموت الجماعي في روايته “فرانكشتاين في بغداد ” لكنه في الوقت نفسه قدم في الرواية الضد الآخر المتمثل بالعراقي الفقير البسيط الذي راح يجمع جسد العراقي الذي فتتته الأحزاب ، فيجمع هادي العتاك من بقايا الضحايا ..
ليس مقالتي أدبية تحليلية عن الرواية ، وإنما بكل بساطة أردت أن أقول فيها ..
إن سعداوي هو العتّاك العراقي في مواجهة رثاثة السياسيين الذين لايشعرون بالعار من تحويلهم العراق الى..
“أسوأ سلطة تشريعية في العالم ”
والى ..
“أسوأ بلد للعيش في العالم “..
وإلى ..
” على رأس قائمة الدول الأكثر فساداً في العالم ” ..
وإلى ..
“أسوأ جواز سفر في العالم “..
وللأمانة متقدماً على الصومال واليمن !!
هذا السعداوي هو في مواجهة كل هذا الجسد العراقي المدمى والمدمر والمنخور !
السعداوي قدم للعالم الوجه الآخر المخفي أو المختفي أو المخفى من العراق…!
فيفوز بجائزة البوكر العربية ..ليمر فوزه مرور الكرام على طبقة سياسية مهمومة بنفخ جيوبها وكنس البلاد عن آخرها من اموال العتاكة !
السعداوي يتقدم الى مصاف رسول السلام العالمي فيكون ثالثاً في جائزة “مان بوكر العالمية ” وسط عمالقة الرواية في العالم ..!
وتنافست على الجائزة ست روايات ضمتها القائمة القصيرة لهذه الدورة وهي: “فرانكشتاين في بغداد” للعراقي أحمد سعداوي، “فيرنون سوبوتيكس” للفرنسية فيرجيني ديبانت، “الكتاب الأبيض” للكورية الجنوبية هان كانغ، “العالم يستمر” للمجري لازلو كراسناهوركاي، “مثل ظل يتلاشي” للإسباني أنطونيو مونوز مولينا، و”رحلات” للبولندية أولغا توكارتشوك..
على لسان هادي العتاگ رسول السلام العراقي أحمد سعداوي يروي ، ما كان يقوم به العتاك “من جمع بقايا جثث ضحايا التفجيرات الإرهابية خلال شتاء 2005، ليقوم بلصق هذه الأجزاء فينتج كائناً بشرياً غريباً، سرعان ما ينهض ليقوم بعملية ثأر وانتقام واسعة من المجرمين الذي قتلوا أجزاءه التي يتكوّن منها. مصائر شخصيات متداخلة خلال المطاردة المثيرة في بغداد وأحيائها”..
ويقول سعداوي ، ان “شسمه ليس مخلوقا وهميا من وحي الخيال، شمسه هو نحن”
لكننا نكتشف في النهاية إن “هادي العتاك” الذي صَوّرت دوائر السلطة الحكومية من أجهزة مخابرات وشرطة وجيش خاص وعام إنه هو القاتل والمجرم الخطير الذي قبضت عليه ليقدم للعدالة”..!
أحمد سعداوي وجه أنظار العالم الى العراق ، ليس من خلال أكوام الجثث وأرصفة الدم والحرب الطاحنة على الإرهاب ..
بكل بساطة قدم العراق على إنه عراق مختلف في جوّانيته وتطلعاته وروحية السلام فيه والرغبة العارمة في إعادة بناء جسده للثأر من القتلة ..وأي قتلة ..
وفيما يحتفي العالم به بما في ذلك مؤسسات الانتاج السينمائي ” راويته (فرانكشتاين في بغداد) الفائزة بأبرز جائزة عربية للرواية والثالثة عالمياً ستتحول إلى فيلم سينمائي في بريطانيا ربما ” وترجمة روايته الى عديد من اللغات العالمية ،يتناساه الإعلام لدينا ، الإعلام بشقيه الرسمي والخاص ، والذي يتراكض للحصول على تصريح تحريضي من سياسي تافه لايساوي كل ثمنه القلم الذي يكتب فيه احمد سعداوي ..!
والشيء نفسه حصل مع العبقرية العرقية زها حديد التي أتحفت العالم بتصاميمها المعمارية وكانت خير رسول للعراق المتجاهل لها !!
والحال نفسه مع كل المبدعين العراقيين فيما يتصد المشهد “الشسمه ” كما في رواية احمد سعداوي ..!
رغم قتامة المشهد ..سيبقى أحمد سعداوي رسولاً للسلام العراقي..
رغم قتامة المشهد ..ستبقى زها حديد رمزا لعقلية الإبداع العراقية ، وحين يشار الى أحدى معجزاتها المعمارية يقال “صممتها العراقية زها حديد ” !!