مجتمعاتنا ربما غير مؤهلة لنشوء الأحزاب , لأن مفهوم الحزب يتخذ معايير قبلية , وتطلعات كرسوية , فيكون مشروعه الحفاظ على الكرسي وإغفال الحاجات الوطنية , لأن الأحزاب برمتها لا تعترف بأفعالها بوطن.
الأحزاب في مجتمعات الأمة منذ تأسيس دولها وحتى اليوم , فاقدة للرؤية ولا تمتلك مشاريع واضحة , وتتمحور حول الإمساك بالسلطة والعمل للقضاء على أي حزب آخر غيرها , فتجدها في دوامة التماحق المتبادل , فلاحقها يمحق سابقها , وهكذا دواليك.
فالأمة تدمرها الأحزاب ولا تصلحها , وما وصلت إليه أحوالها بسبب التناحرات الخسرانية الفظيعة التي تفاقمت بين أحزابها , فهي لعدم صلاحيتها للإنبات في تربة الأمة تموت آجلا أو عاجلا , ولا تترك أثرا نافعا للناس , وكأنه غيوم صيفية تمر على البلاد والعباد.
الأمة لا تحتاج أحزابا عقائدية المنهج والتطلعات , فكل عقيدة ترى أنها صاحبة الحق وغيرها يستوجب الإمحاق , فهل إستفادت الأمة من أي حزب مهما كانت شعاراته؟
جميع الأحزاب تتصف بالشعارات التضليلية التي تناقضها بأفعالها , وبأنها تصنع أجيالا يتجمدون في الكراسي , وينقطعون عن نهر الأجيال وروافده , ويتسمون بالعدوانية على غيرهم وبعصهم , فيتآكلون من داخلهم وينتهون إلى مصير مشؤوم.
الأحزاب تتقوقع في خنادق أوهامها , وتصاب بالعمى السياسي , وتتمكن منهم شرائع الغاب , فيكون ديدنهم الحفاظ على وجودهم في الدولة متسلطين على الآخرين , ويتجاهلون إرادات الأرض والسماء , وكأن الزمن متوقف من أجل عيونهم وحفاظا على وجودهم , وهم المنقطعون عن الأجيال الصاعدة الباحثة عن دور وسوح عطاء أصيل.
مجتمعاتنا بحاجة ملحة لكفاءات علمية مخلصة ذات مشاريع ذات قيمة حضارية معاصرة , غايتها بناء الأوطان , وتوفير الحاجات الأساسية للمواطنين.
أما الأحزاب فما أورثتنا غير الخراب وسفك الدماء , والبراهين على ذلك وفيرة , فكل حزب بما لديهم فرحون , وعلى إخوانهم يتأسدون , ولأوطانهم يدمرون , ولشعوبهم يشردون , وأمام أعدائهم منهزمون , وللتبعية والخنوع مستسلمون , وشعارها الحقيقي إننا لمنتقمون!!
ورموز أحزابنا في الكراسي يسجرون , ولبئس ما يحصدون!!
د-صادق السامرائي