الأحزاب التي نشأت في المجتمعات العربية بأنواعها ومسمياتها وشعاراتها وعقائدها وأهدافها , أثبتت أنها أدوات لتنفيذ أجندات معلومة وخفية , ووسائل لتضليل الجماهير ودفعها إلى جحيمات الدمار والخراب.
ولا يوجد فيها أي حزب وطني , لأنها جميعا ما بنت وطنا ولا أسست دولا ذات دساتير وقوانين حضارية معاصرة.
أحزاب عبثت في الواقع العربي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى , بل وقبلها في النصف الثاني من القرن التاسع عشر , وما تعيشه الجماهير اليوم هو من نتائج سلوكها المرسوم للوصول إلى هذا الدمار الشامل.
ومن أشد الأحزاب لا وطنية , وأفظعها عدوانية هي الأحزاب التي تسمى دينية , ولهذا تم تشجيعها ومساعدتها وتعزيز دورها وهيمنتها على الحياة , لكي يتحقق الدمار الأعظم للواقع العربي في كل مكان.
أحزاب لو قرأتَ تأريخها لوجدتها مبنية على التمسك المطلق بالكرسي , ومحشوة بالشك والخوف والتوجس من المواطن ومن الذين في الحزب , وتقتل عقولها وتعاديها , ومن يتوهم بالروح الوطنية وإحترام قيمة الإنسان , يحسب من المتآمرين عليها ومن الخونة أو كما يحلو لها من التوصيفات.
ولهذا فأنها وبلا إستثناء تأكل ذاتها , وموضوعها وتكشف بأفعالها بأن شعاراتها وأهدافها محض هراء ووسيلة للمخادعة والإيقاع بالناس.
تلك حقيقة مؤلمة وقاسية فاعلة في المجتمعات العربية ومساهمة في إنحداراتها الهلاكية , وتوجهاتها التراجعية الإندحارية القاضية بالتعطيل والجمود , ووضع الأجيال في طوابير التبعية والخنوعية , وتحويلهم إلى قطيع يقوده ذئب مدّعم بإرادة السلطة وإعلامها الموجه الكذوب الذي يصنع بالونات بطولات , وما أن ينتهي دورها حتى تنفجر وتدوسها أقدام الأيام , لتأتي بعدها بالونات محقونة بسموم سوداء , وهكذا تدور نواعير البلاء.
فهل من نكران للأحزاب , فهي الداء والعقاب؟!!