18 ديسمبر، 2024 11:00 م

أحزاب كبيرة … أحزاب صغيرة

أحزاب كبيرة … أحزاب صغيرة

مع اقتراب كل دورة انتخابية للمجلس التشريعي ومجالس المحافظات، تبدأ صراعات المصالح بين المستفيدين من هذه الانتخابات تمهيداً لسعار تقاسم المناصب والنفوذ الذي يشغل وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بشأن ملاءمة هذا القانون أو ذاك مع معايير الديمقراطية، ولكن الحقيقة هو صراع تنافسي يسعى به كل حزب إلى ضمان حصوله على عدد من الأصوات عبر تشريع قانون انتخابي يتيح له ذلك، في هذه الدورة الصراع تخطي الغرف المغلقة وقبة البرلمان ليخرج إلى الشارع على شكل تظاهرات.

في غالبية دول العالم المتحضر إن لم نقل جميعها، لم نشهد مثل هذا الصراع الدوري، أو لم نشعر بالانتخابات إلا في أثناء الدعاية الانتخابية ويوم التصويت، والسبب أنها تجاوزت ذلك بتشريع قانون ثابت لا يتغير، أو ممكن إجراء بعض التعديلات عليه لمواكبة التطورات السياسية كل عشرة أعوام وما يزيد أو يقل عن ذلك، كما عدد الأحزاب المشاركة في الانتخابات ضئيل جداً مقارنة بعدد الأحزاب المجازة لدينا والتي بلغ عددها(91) منها (13) حزباً كبيراً والباقي صغيرة، والغريب أن هناك أحزاباً وتيارات عريقة ارتضت لنفسها أن تصنف على أنها صغيرة لتستدر عطف الشارع بغية الحصول على مقعد في مجالس المحافظات أو عدد متواضع من المقاعد في المجلس التشريعي.

العمل السياسي هو تدافع بين مختلف القوى السياسية والملعب هو الشارع والحكم هو صندوق الاقتراع، ومن لا يجد في نفسه القدرة على التأثير في الشارع، وكسب أصواته عليه أن لا يطالب بتفصيل قانون على مقاسه، هذه مطالب (عجزة وتنابل )، العمل السياسي ليس شعارات ومناصب وترف أنه عمل شاق يتطلب صبراً ومطاولة،ومن لا يستطيع ذلك أما أن يبقى صغيراً أو يتلاشى بمرور الزمن.

هذه الأحزاب التي تسمى كبيرة هي في حقيقتها صغيرة أنها عبارة عن ائتلافات بين مكونات سياسية ينحصر عددها بين 64 حزباً لو انفرط عقدها قبل الانتخابات لما حصلت على شيء من الكعكة كما يحلو لبعضهم أن يسميها، والأحزاب الكبيرة عددها كبير أيضاً مقارنة بأحزاب مشتركة في انتخابات دول أخرى مثل بريطانيا ثلاثة، تركيا أربعة، أميركا ثلاثة.

للأسف، التظاهرات في العراق أداة تستخدم في الصراعات السياسية التي تخدم الأحزاب، ولو أنهم غيروا بوصلة مطالبهم تجاه الضغط لتشريع قوانين تصب في مصالحهم أو تفعيل قوانين معطلة، كقانون مجلس الخدمة الاتحادي الذي يحقق العدالة في الحصول على الوظائف العامة، ويجنب الشباب الرضوخ لهيمنة الأحزاب.

لا توجد في العراق أحزاب كبيرة، الكبير بما يقدمه من منجز كبير، ولا يوجد مثل هذا المنجز في العراق،حتى الآن في الأقل.