22 ديسمبر، 2024 11:24 م

في مجتمعاتنا لا توجد أحزاب بالمعنى المتعارف عليه للأحزاب في الدنيا , فالقاسم المشترك بينها هو الكرسي , فلا فرق إن كانت قومية , وطنية , شيوعية , دينية , علمانية , وما شئت من التسميات والتوصيفات , فهي كرسوية الطباع والمناهج والتطلعات , ولا يعنيها سوى الكرسي.
تأملوا مسيرة الأحزاب في الواقع العربي , هل ستجدون حزبا تحرر من قبضة الكرسي , وتمكن من التعبير عما كان ينادي به من شعارات ويطرحه من نظريات قبل إمساكه بالسلطة.
لن تجدوا مَن إبتكر الآليات الكفيلة بترجمة مبادئه إلى مشاريع عملية ذات قيمة وطنية , فما أن يمسك الحزب بالكرسي , حتى يكون عبدا له , ولا تعنيه الطروحات والشعارات التي كان ينادي بها , فالمهم أن تكون سلطة الكرسي فاعلة , والقوة مهيمنة والبطش مطلوق العنان , والإستحواذ على ثروات البلاد والعباد هدف يختصر الأهداف.
ولهذا فأن الأحزاب في مجتمعاتنا فاشلة , ولا مفاضلة بينها , فهي سواء في توجهاتها وسلوكياتها , المتصفة بالرعونة والسفه والعدوان على ذاتها وموضوعها.
ولو أخذت أي حزب منها فلن تجد فرقا بينه وبين التي سبقته بأنواعها , فهي تتميز بالعوق السلوكي , وتعجز عن تطبيق نظرياتها , وتعادي شعبها , وتخرب أكثر مما تعمر , وتميل للتبعية , والإستحواذ على مقدرات الشعب , وتنطلق في صراعات عبثية لكي تبقى أطول فترة في السلطة , وتثقل كاهل المواطنين بما يلهيهم ويبعدهم عن النظر بما تقوم به من جرائم وفساد.
والعلة أن مجتمعاتنا تفتقد لنظام الحكم الراسخ والمتوارث عبر الأجيال , والمنظم بدستور وطني يخدم مصالح المواطنين.
وبغياب نظام الحكم , تجد كل حزب قد وقع في مهلكة الصراع على السلطة , وتمسك بإرادة البقاء التي تستنزفه وتنهيه بعد حين.
ولهذا فأن الأحزاب لا تصلح للحكم في مجتمعاتنا , وعلينا أن ننهيها ونتحرر من قبضتها وشرورها.