19 ديسمبر، 2024 12:12 ص

أحذروا ….. دهاءهم

أحذروا ….. دهاءهم

في رواية عن أحد الصالحين ( الحاج محمد رحمه الله ) ، أنه عندما أقدم الأنكليز  في العشرينات من القرن الماضي على أستخراج النفط من حقول باباگرگر ظهرت الحاجة لتشغيل الأيدي العاملة المحلية من مدينة كركوك لسد النقص ، وقد أمتنع الكثيرون من أهالي كركوك في أول الأمر من العمل لدى شركة النفط (IPC) المشكلة حديثاً في ذلك الوقت ،  بحجة كونهم غير مسلمين وأن رواتبهم ( المعاش ) حرام .وكان من ضمن المحرّضين ضد الأنكليز ، أحد علماء الدين في كركوك ، الذي كان دوماً يحرّض الناس بعدم جواز العمل في الشركة  وحرمة التعامل مع الأنكليز وخصوصاً في خطب الجمعة .وهذا ما أقلق المسؤول البريطاني وحاشيته الذين شاوروه بأتخاذ أجراء رادع ضده ، فلم يقبل المسؤول البريطاني بأي أجراء ضده ، ولكنه طلب من حاشيته بأحضار أسوء شخص في المدينة ، ولم يجدوا غير أحد الشقاوات في ذلك الوقت ، الذي يأخذ الأتاوات ، ويقضي يومه بأفتعال المشاكل مع الناس ، ولا أصل ولا فصل له ، ويفترش المقاهي ، ولا دار ولا أهل له . وطلب المسؤول من حاشيته بتعليم صاحبنا السياقة وأستعمال السلاح ، فعلّموه ودرّبوه ، ثم عيّنه سائقاً وحارساً شخصياً له وأعطاه مسدساً يرافقه أينما ذهب ، وأستغرب الناس من هذا الأمر ، وكيف للأنكليز أن قاموا بتحويل أحد الشقاوات والذي كان مكروهاً في المجتمع الى رجل صاحب مهنة وإعتبار في المجتمع ؟؟؟؟؟؟
ومرت الأيام ولا يزال الشيخ في الجامع مستمراً في التحريض ضد الأنكليز ، ويدعو الناس في خطب الجمعة بعدم السماح للعمل في شركة النفط ، الى أن أقدم المسؤول البريطاني في أحد أيام الجمعة بأصطحاب سائقه والحضور الى المدينة ، وأوقف سيارته قرب الجامع الذي يخطب فيه الشيخ ، الذي ما أنفك يتحدث ضد الأنكليز ، وما أن أنهى الشيخ الجليل الصلاة والخطبة وتفرّق الناس ، وأثناء خروجه من الجامع ، أمر المسؤول البريطاني صاحبنا ( الشقاوة ) بقتل الشيخ في باب الجامع ، وفعلاً فقد تمّ ذلك بلحظات ، وعندها ترجّل المسؤول البريطاني من سيارته وأخرج مسدّسه الشخصي وقتل صاحبنا في الحال !!!!

فكان السيناريو المعدّ والحديث الذي يتناقله الألسن بين الناس بعد الحادثة مباشرة كما يلي :- (( أن صاحبنا الشقاوة ذا المشاكل والبلاوي ، ورغم النعم التي أغدقوا عليه الأنگليز  وعلّموه وهذّبوه وغيّروا نظام حياته ومكّنوه من مهنة محترمة ومنحوه مكانة مرموقة في المجتمع لم يكن يحلم بها ، ولكنه لم يتمكّن من ترك طباعه السيّئة ، وأن المسؤول البريطاني حسناً فعل ، وأنقذ المجتمع من هذا الشخص السيء . وأنّ الشيخ الجليل رغم معاداته للأنكليز ولسنين طويلة ، إلا أن الأنكليز هم من أخذوا بثأره من هذا الشقيّ ، وأن الشيخ رحمه الله لم يكن محقّاً في عداوته لهم طيلة السنين السابقة )) .!!!!!ألف رحمة ونور عليك يا حاج محمد ، نفتقدك اليوم ونفتقد ذكائك في تحليل الأمور ، ونفتقد قولك (( أحذروا دهاءهم )) !!!!