23 ديسمبر، 2024 5:06 ص

أحداث الأعظمية.. هل هي أمرٌ مدبّر أم فعلٌ مُنفَلت!!؟

أحداث الأعظمية.. هل هي أمرٌ مدبّر أم فعلٌ مُنفَلت!!؟

قد يعزف الكثير من الكتاب والمحللين من تناول هذا الموضوع المثير للجدل والاختلاف لأسباب عديدة منها تضارب الأنباء والمعلومات حول ما حدث والحساسية المفرطة في ابعادها السياسية والطائفية والأمنية لتلك القضية الشائكة التي تطرح تساؤلات كثيرة أهمها:

هل أن حوادث التخريب في الأعظمية نفذتها عناصر مندسة وعصابات منفلتة!!.. أم أن الأمر مدبر ومخطط له مسبقا ؟؟

وقد يكون من المبكر الجزم بنتائج محددة قبل استكمال التحقيق مع المعتقلين لدى الأجهزة الأمنية .. ولكن من خلال تشخيص الأهداف الأولية التي سعى اليها هذا الحادث يمكن استشعار التصنيف الجنائي من حيث المبدأ.. إن كان (مدبرا أم لا !!؟؟)

والتحليل الأولي المستند الى قراءة المشهد المعقد وما متوفر من معلومات رغم شحتها واختلاف مصادرها وتناقضها يشير الى أن أحداث ليلة الأربعاء – الخميس 13/14 أيار الجاري في مدينة الأعظمية كانت تهدف الى الآتي:

1. تعكير صفو الزيارة والإساءة الى رمزيتها وقدسية شعائرها.

2. إخافة الزائرين وإثارة حالة من الذعر المفتعل بين حشودهم بترويج الإشاعات عن وجود الأحزمة الناسفة والانتحاريين والعبوات وغيرها.

3. ضرب الملف الأمني والاجراءات المتخذة لحماية أمن بغداد عموما والزيارة على وجه الخصوص.

4. خلط الأوراق وإثارة أزمة سياسية وأمنية وطائفية أمام الحكومة وهذا ما حدث فعلا.

5. تعميق الهوّة الطائفية الموجودة أصلا وبما يساهم في زيادة التوتر الطائفي وهذا العامل له ابعاد داخلية وخارجية..

6. توجيه رسائل سياسية بأن قواعد اللعبة ومفاتيحها ليست بيد الحكومة وحدها.

7. تحدي القوات الأمنية ورميها بالحجارة للايحاء بأنها عاجزة عن حماية الأمن وتنفيذ مهامها الوطنية واهانة هيبتها وسلطاتها

أن بعض مقاطع الفديو المسربة عبر مواقع التواصل الاجتماعي تركز على مشاهد بذاتها ( ألفاظ طائفية، تسمية أطراف محددة، تصوير رايات تمثل قوى معلومة) والهدف توجيه الاتهام اليها وهذا يعكس وجود خلافات ونزاع على الأرض بين فصائل مختلفة…

وما يساعد في تقييم الحدث هو الأدوات المستخدمة في التنفيذ ( الوقود وفتائل المولوتوف) وانتخاب الهدف ( بناية الإستثمار لديوان الوقف السني) وتكرار الاشاعة في اكثر من منطقة لصناعة ردود فعل أقلها التدافع الذي يتسبب في سقوط ضحايا تشحن الأجواء بالمزيد من التعبئة النفسية والعاطفية والقلق لدى ذوي الزائرين خاصة أنهم قدموا من مختلف المحافظات…

هذه الأهداف المفترضة والصور الأولية لحوادث الأعظمية ربما تساعد في تحديد اتجاهات البوصلة نحو ترجيح الاحتمال الاقرب في فرضية ( العمل المدبر أم الفعل المنفلت)…

فما هي ردود الفعل الحكومية؟؟

على الرغم من الإنتقاد الذي وجهه البعض من السياسيين الى القوات الأمنية والزعم بأنها لم تتصرف بسرعة في بداية الأحداث إلا أننا نقول أن ذلك الإنتقاد متسرع وغير منصف ذلك لأن الذي أنقذ الموقف الأمني من الإنهيار هي الأجهزة الأمنية وقيادتها التي أدارت الأزمة بمهنية وكانت حاضرة ميدانيا لمحاصرة الشرارة التي أرادوا لها ان تشعل حريقا يصعب اخماده ولا يمكن لأحد التنبؤ بتداعياته الكارثية على المستويات كافة ولا ننسى أن الأجهزة الأمنية كانت في صميم الإستهداف كما أسلفنا، وطبعا أداء هذه الأجهزة مرتبط بالإرادة السياسية التي يمثلها رئيس الحكومة الدكتور

حيدر العبادي وقد إجتاز الإختبار والتحدي باجراءات حازمة ورد فعل مسؤول أشرف خلاله على الموقف المتأزم وفوّت الفرصة على المتربصين ومن حاول إثارة الفتنة والفوضى ومن كل الأطراف…

إن الأمر لم ينتهي عند هذا الحد والمعالجة للموقف تقتضي الآتي:

– تجاوز ردود الفعل العاطفية والسياسية الى ما هو أبعد فالخطر داهم ويتهدد الأمن والاستقرار وتماسك الجبهة الداخلية

– البدء باجراءات التعويض للمتضررين والاسراع فيها

– دراسة الموقف الأمني واستنباط الدروس لمواجهة التحديات المماثلة والإحتمالات الأخطر في المستقبل

– التخفيف من حدة الخطابات والتحريض وردود الأفعال لتهدئة الشارع

– توظيف قيم الشعائر المقدسة لاستشهاد الامام موسى الكاظم عليه السلام في احياء معاني التسامح والمحبة والعفو وكظم الغيظ التي قام واستشهد في سبيلها الأمام الشهيد…

وختاما نقول أن أي محاولة لإثارة الفتنة والفوضى ومن أي طرف كان هي طعنة في ظهور المقاتلين بجبهات القتال ضد داعش واساءة لدماء الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن وحدة العرق وأمنه وتعكير لصفو وقدسية الزيارة ورمزيتها لدى سائر المسلمين.. وهذه الحوادث المفتعلة لا تخدم الا (داعش ) وأهدافها العدوانية… حمى الله العراق وشعبه الصابر المحتسب من شر الفتن ما ظهر منها وما بطن…

*مستشار ومتحدث سابق بأسم القوات المسلحة

(مدير مركز الوكيل للبحث والتحليل الإستراتيجي)