الإختلاف الفكري والثقافي والعقدي أمر طبيعي وحالة فطرية وهو نتيجة طبيعية لإختلاف الرؤى والعقول والفهم والمهارات والفوارق الذهنية الخلقية أو المكتسبة، وهو حالة صحية فيما لو كانت خاضعة لأدب الحوار والمجادلة بالحسني، وهي حالة تُثري العقول وتنير القلوب بالمعارف والمعلومات، وتفتح آفاق واسعة للنظر والتفكير، وطرح المشاريع وإيجاد الحلول الناجعة التي تخدم الفرد والمجتمع، لكن إذا تحول الخلاف إلى إختلاف ورفض الآخر وديكتاتورية الرأي وفرضه ولو بالقوة، ومن ثم إلى لغة التهميش والإقصاء وصولا إلى التكفير والإقتتال فهنا تحصل الكوارث والمجازر، وهو من مصاديق التطرّف الفكري الذي يعتبر نوع من أنواع الإرهاب.
إن تحويل الخلاف إلى اختلاف وصراع وقتال هو أمر ممنهج ومقصود تقف ورائه أيادي معلنة وخفية استطاعت أن توظف نقاط الاختلاف لخدمة مصالحها ومشاريعها الخبيثة التي تستهدف الشعوب العربية والإسلامية، بل كل الشعوب التي تؤمن بالسلام وحرية الفكر والمعتقد، وهذا يعني أن التطرف والاستبداد الفكري لا يمت إلى رسالات السماء ولا إلى الأخلاق ولا إلى الإنسانية بصلة، بل هو حالة شاذة منافية للفطرة والعقل السليم.
نحن بحاجة إلى خطاب معتدل صادق وقيادات تعتمد الوسطية والاعتدال واحترام حرية الرأي والعقيدة، منهجا وسلوكا وموقفا، وليس مجرد شعارات انتهازية ولقلقلة لسان ودعاية إعلامية، لتحقيق مكاسب شخصية، نحن بحاجة إلى خطابات وقيادات تنطلق من دائرة الشعور والإيمان الراسخ بان الاعتدال واحترام حرية الرأي ليست حالة عرضية، وإنما هو أمر فطري ومنهج إنساني ثابت، وعقيدة ضرورية فرضتها كل الأديان السماوية وأقرها العقل والمنطق وحتى الأيديولوجيات الوضعية التي تؤمن بحرية الفكر والعقيدة، وترفض بان يكون للاختلاف في الرؤى والأفكار والمعتقد انعكاسات خارجية سلبية تؤدي إلى ديكتاتورية الرأي ولغة التهميش والإقصاء والتكفير والاقتتال.
يقول احد المحققين:الاعتقاد في القلب بينه وبين الله، نحن نرفض انعكاسات ما يعتقد به الإنسان على الخارج، تكفير الآخر بالرأي، سواء أكان على أساس الدين أو القومية أو العرق أو المذهب أو أي عنوان من العناوين، هذا الشيء مرفوض وهو أن ينعكس إلى الخارج كسلوك عملي إجرامي تكفيري، والمفروض أن نرفضه سواء كان على أنفسنا أو على الآخرين…لك رأيك ولي رأي واحترم رأيك وتحترم رأي، وندعو للتعايش السلمي بين الناس.