22 ديسمبر، 2024 8:06 م

أحب وطني .. ولكن

أحب وطني .. ولكن

أُحب وطني .. بلا مزايدات، ولا شعارات، لكن عندما ينتابني الخوف فيه، أضع الحب جانباً، وأبحث عن مكان أشعر فيه بالأمان، ليكون وطني كما أحب.
أحب وطني، لكن ليس بالضرورة أن أحب طينه وترابه، كما ينشد الشعراء، لأني سئمت التصحر والعجاج، وأحلم بواحات خضر.
أحب وطني، وأحيي دجلته وفراته، لكن الكتل الكونكريتية لم تعد تمنحني فرصة التأمل في تلك المياه التي إرتبط عمرها بعمر الوطن، فلا أقدر أن أحيي السفح، ولا أرى الشمس تجر من الخيوط ذيولا، ولا أرتشف ماءً ” عذب الموارد صافي”، الا من خلال قناني المياه المعلجة بالأوزون.
أحب وطني، أنتمي اليه، أنتسب اليه، أضحي من أجله، لكن لاتجبروني على أن يصبح فلان أو علان وكيلاً لهذا الوطن أو أصيلاً، في الحب والإنتماء والولاء.
أحب وطني، بطريقتي الخاصة، وليس بطريقة رجل الأمن، أو الجلاد، الذي بات يحدد ملامح المواطنة الصالحة على هواه، فينتزعها ممن يشاء، ويثبتها لمن يشاء.
أحب وطني، من دون أدلجة أو تنظير، أو صلة قربى بالسلطان، أو حاشيته، أو حزبه، فلا مصالح، ولا نفاق، ولا إنكسار، ولا إنحناء للظهور.
أحب وطني، بلا أغلبية، ولا أقلية، ولا مكونات ولا حصص، وأن تكون المواطنة هوية أتنقل من خلالها في أرجاء الوطن، بلا خوف من إسم أو لقب أو عشيرة أو مذهب.
أحب وطني، الذي لاتمس به كرامتي، ولا تنتهك فيه حرماتي، ولا يداس بيتي بعنوان التفتيش، ويروع أطفالي لدواع أمنية.
أحب وطني، ولكن لاينازعني أحد على إستحقاقاتي فيه، ولا ينافسني من لايستحق على مركز أو ظيفة، ولا أضطر الى الوقوف على الأبواب من أجل “خلعة”، أو منصب، وأن تكون الكفاءة هي المعيار.
أحب وطني، من دون الشعور بالدونية إزاء طبقات متخمة، ولا تفاوت كبير بين فقر وغنى، ولا يعني ذلك التنافس مع أصحاب القصور، حاشا وكلا، لكن وطن مثل وطني، قادر على أن يوفر مستلزمات حياتي الطبيعية التي تحفظ لي إنسانيتي، وتمكنني من إشباع حاجاتي، من دون أن أنظر الى الغير نظرة حسد.
أحب وطني، وليس بالضرورة أن أحب السلطان وحزبه وحاشيته السابع ظهر، أو أتملق له كي أعيش، أو أتمسح الكتوف لأحصل على ما أريد.
أحب وطني، وأنا حر طليق، أقول بلا تردد، وأنتقد بلا خوف، وأمشي بعيداً عن الحائط، وأتظاهر وأحتج، من دون  ملاحقة، أو تصفية.
أحب وطني، وأسمو به، لكن لابأس أن أتغنى به في بلاد الغربة، حفاظاً على آدميتي.