قبل أيام تسائل قداسة بطريرك الكلدان لويس ساكو مايلي :- (آني ما أفتهم ليش مزعوجين الكنائس الآخرى من بطرك الكلدان أن يكون هو مرجعيه للمسيحيين؟) ..
قد لايخطر ببال المتلق أن يكون لهذا التصريح ابعاد سياسية . لكن لو تأملناه جيدا ، وتأملنا ما بعده من معان ندرك تماما أن الامر لايخل من أجندة سياسية واضحه . خصوصا عندما نتذكر انه بات بمقدور قداسة البطريرك أن يرشح شخص ما لمنصب وزير ، أو مدير عام ، أو مستشار ..كذا الحال بالنسبة لترشيح عضو البرلمان لمقاعد الكوتا والذي يفضل ان يكون بتزكية من الكنيسة..وبين حين وآخر يلتقي مع قاده ومسؤولين كبار في السلطه …الخ..
على الصعيد الشخصي أنا كلداني أؤمن بوحدة شعبنا ، لكن لو رضيت بأن يكون قداسة البطريرك ساكو هو صاحب الكلمة الفصل في شأني السياسي ، أو الاجتماعي ، أو الثقافي ، أو غيره . يجب أن لا أعترض ، ولا أكتب وانتقد بل لابد ان اكسر قلمي واصمت عندما يكون السيد مقتدى الصدر ، أو عمار الحكيم ، أو غيرهما أصحاب الكلمة الفصل ليس للمذهب الشيعي فحسب ، إنما للعراق كله لكون معتنقي المذهب الشيعي يشكلون النسبة العليا في العراق . وكلنا ندرك تماما موقف السيد الصدر ، والحكيم تجاه المتظاهرين السلميين ، ونعلم من أين لهم هذه الاملاك والعقارات والمليارات ، كما نعلم جيدا إفراط ولاؤهم لإيران أكثر من بلادهم واهلهم ..
من هنا فقط يفرض التساؤل المهم نفسه :- ترى هل هذا صحيح ؟..
على هذا الاساس أجد من الحراجة بمكان لو سلمت أموري السياسيه والثقافية وغيرها بيد مرجعيتي برغم كل التقدير لشخص قداسة البطريرك ساكو ..
أنا أدعوا مخلصا أخوتي رجال الدين الخروج من باب غرف السياسة المعتمة ، ولا يريحني إدخالهم من نوافذها من قبل السلطة..
لست من مترددي القداديس والمصلين لكن لا أمانع أن أقول للاخوة رجال الدين مايلي :- لكي تثبتوا فعلا لأبناء شعبكم وللآخرين بأنكم تحبوهم ، وتحبون العراق والخير للآخرين ، ابقوا في بيوت الله وأكرمونا بصلواتكم ودعواتكم للشعب والبلد أن يجتاز مرحلة الصعاب ، وأبتعدوا ما أستطعتم عن السياسيين والسياسة ومستنقعها ، وقذارتها ، ورائحتها النتنه فهي لاتليق بمقامكم وبعفّتكم وطهركم..خصوصا عندما نتذكر بأن سياسيي العراق جلهم لايعدون حتى أرباع السياسيين ،وبعضهم ليسوا حتى أشباه البشر ، وسلُمت أمور الدولة بأيديهم ليعبثوا بها كما يشاؤون ، وكما تردهم التوجيهات من الدول والانظمة التي يؤتمرون بأوامرها..
لقد أوغلوا في الفساد والسرقات وأوصلوا البلد الى جعله في ركاب الدول المتخلفة الغارقة في الجهل والجريمة والامية…
ليت المخلصين والمؤمنين من رجال الدين يكتفون بذكر عيوب الحكومة والسياسيين في كرازاتهم وخطاباتهم من على منابرهم، ويدعون للنزاهة والاصلاح ..فهم بذلك يسدون خدمة رائعة للجميع ..
أنا أتفهم جيدا غياب دور البرلمان ، وأضحى مجرد واجهة وديكور تتبجح الحكومة به لأغراض الديمقراطية المزعومة ، وقدر تعلق الامر ب برلمانيي الكوتا فهم يعجزوا أن يحلّوا رجل دجاجة ..
لهذه الاسباب وغيرها وجهّت الانظار الى رجل الدين ليملأ هذا الفراغ الخطير ، ويحشر انفه في أمور لاتعنيه البته ..
قسما يريدون إعادتنا الى عهد القرون الوسطى وتبعاتها الخطيرة، وصكوك الغفران وغيرها ..
كما نفهم جيدا إن هذه اللعبة وهذا الفراغ مخطط له من قبل جهات مشخصة ومعروفة الغاية منها تدمير ماتبقى من العراق ، والاصرار على إغراقه بالجهالة تسوده ثقافة اللطم ، والايمان بالمعتقدات البالية والخرافات ….
هاهو العراق اليوم بفضل تسليم أمور الدولة بيد رجال الدين :- تدني في التعليم، والصحة، والبناء والاعمار، وتدني في السياسة ، والاقتصاد، والزراعة ، والصناعة ، والمواصلات ، والثقافة ، والفن ..وغيرها الكثير ..
لابناء مدارس ، لاسدود ، لامشافي، لامسارح، لاشوارع، لاحدائق .. الف لا ولا لاتكف.. والقائمة تطول وتطول كل ذلك وغيره الكثير بفضل قيادات رجال الدين والاحزاب الدينية المتخلفة لأمور البلاد، والبقية تأتي ..
إن كنتم مصرين تسليم امور السياسة والدولة بيد رجال الدين خذوا عراقا كأنه خرقة بالية عفى عليها الزمن ..