18 ديسمبر، 2024 6:43 م

أجندات الصمت المباح في وطنٍ مستباح!!

أجندات الصمت المباح في وطنٍ مستباح!!

الجماهير تريد حقوقها الإنسانية , وإستعادة كرامة وعزة وطنها المستلبة من قبل الطامعين والتابعين والحاكمين بأمر الفساد , والذين يرفعون رايات الطائفية لتضليل وإستعباد العباد.
الجماهير ووفقا للأصول والضوابط الديمقراطية تظاهرت معبرة عن عدم قناعتها بما يحصل في البلاد , وتؤشر على مواضع الوجيع المقيم والفساد المستطير الذي تناهب ثروات الوطن وأفقر المواطنين وتسبب لهم بالعناء المرير الإشتداد.
الجماهير خرجت تريد حاضرا أفضل , وحكومة وطنية تحترم الوطن والإنسان , وتقدم له الخدمات الأساسية الضرورية للحياة الحرة الكريمة , كباقي بشر الدنيا المعاصر.
الجماهير تريد حقوقها المشروعة , وما طالبت بما هو غير مشروع من الحقوق , وإنطلقت مسيرات مطالباتها , وتعالت نداءاتها , وإنتشرت شعاراتها الوطنية الإنسانية , والعالم يرى ويسمع ويراقب عن قرب وبعد , وخصوصا الدول الديمقراطية التي تؤمن بحقوق الإنسان.
والحكومة بما لديها من فصائل مسلحة وقوى أخرى , واجهت التظاهرات بوحشية وقسوة غير مبررة , تسببت بقتل أكثر من تسعين مواطن خلال بضعة أيام وجرح أكثر من ألفين وخمسمئة , وقبلها اضعاف هذا العدد , ولا تزال الوحشية السافرة قائمة ودول الديمقراطية وحقوق الإنسان , في صمت مريب , وإغفال عجيب , وكأن الذين يتساقطون ليسوا بشرا وإنما أرقاما وحسب.
ولو تظاهر الصينيون وقتل بضعة أشخاص منهم لزعزعت الدنيا منابر إعلام الدول الديمقراطية , أما الذي يجري في العراق فكأنه لا يعنها أبدا!!
فلماذا هذا الصمت الغريب؟!

يبدو أن الديمقراطية في بلد نفطي تعني حرية القبض على أعناق آبار النفط , وما دام هذا الهدف متحققا فلا غيره يعنيها , بل أن كل ما يساهم في إحكام القبضة يتم تعزيزه ومساندته وحمايته.

ولكي تقبض على أعناق آبار النفط عليك بمساندة الفساد وبناء نظام حكم فاسد , فتتمتع بحرية إستحواذية كاملة على النفط.

كما يجب أن توظف تجار الدين لتبرير الفقر والحرمان وتسويغه بجنات نعيم موعودة , تتناسب درجات الفوز بها بمقدار شدة المعاناة التي يقاسيها الناس المغلوبين على أمرهم.

وأي مطالبة بالحقوق من قبل المواطنين يجب أن تُقابل بالحديد والنار , لأنها تتقاطع مع برامج ومشاريع السيطرة التامة على النفط والتحكم بوارداته.

ولهذا فأن الدول الديمقراطية القابضة على النفط وأعوانها من الدول الإقليمية , هي التي تساند الحكومة بالتصدي الوحشي للمواطنين , وهي التي تعطيها الضوء الأخضر للقيام بذلك , لأنه يؤمّن مصالحها وأطماعها النفطية.

والبعض يرى أن في هذا السلوك دفع إلى منزلق تلقي الضربة القاضية , وإدانة الهدف بجريمته وبأنه قد أضل سبيله , وعليه لعنة الجماهير والناس أجمعين , في بلاده والعالمين.

وإن صح هذا الإستنتاج فأن الحكومة الفاسدة ستمعن بفسادها وتوحشها وقسوتها على المواطنين , ولن تأبه وسائل الإعلام لما تقوم به , وكذلك الحكومات التي لن ولن تدينها على إستخدام القوة المفرطة ضد الأبرياء , ولن تقف ضدها بحزم ومسؤولية.

فما دامت قبضتها على النفط قوية , فما يجري في البلاد شأن داخلي لا غير , ولا يجوز التدخل به , ولتقتل الحكومة مئات الآلاف من مواطنيها فهذا شأنها الخاص , فهي حكومة منتخبة بآلية ديمقراطية , وعليها أن تتصرف وفقا لما تراه مناسبا وضروريا.

وتلك حقيقة موجعة , فالنفط هو الحاكم والسلطان , وعند آباره ألف خبر وخبر يقين!!

فإلى أين المسير؟!!