23 ديسمبر، 2024 2:43 ص

أثارنا الاصلية وساستنا المزيفون

أثارنا الاصلية وساستنا المزيفون

في حي شيشلي, في الجانب الاوربي من مدينة اسطنبول, يقع بيت الرئيس التركي الاسبق  مصطفى كمال  اتاتورك الذي عاش فيه مع شقيقته ووالدته .وقد تم تحويله الى متحف يضم مقتنياته الخاصة من ملابس ووثائق ولوحات واقلام وهدايا  , وقد وضعته الحكومة التركية ضمن لائحة  المواقع السياحية المهمة التي على السائح والوافد الى تركيا زيارتها.  ورغم ان البيت لايضم سوى اشياء بسيطة لرئيس حكم تركيا لفترة لا تزيد عن خمسة عشر عاما  اﻻ أن الحكومة التركيه استطاعت بذكاء استغلاله كمرفق سياحي يزوره الالاف سنويا وبرسوم تعود للحكومة.وعلى بعد خمس ساعات عن اسطنبول, توجد مدينة بولو وهي مدينه صغيرة جدا ﻻتتعدى مساحة مركزها مساحه قضاء المسيب في بابل اﻻ انها تضم هي الاخرى متحفاً من طابقين يحتوى اسلحة وحلي والبسة وعملات تركية قديمة فضلاً عن نسخ لتماثيل صغيرة يعود بعضها للحضارة اليونانية والرومانية اي ان المتحف ﻻيضم اي شيء يعود الى تاريخ المدينة نفسها وان كل مايحتويه المتحف قد جمع من مدن اخرى  وهذا المتحف البسيط هو الاخر يقع  ضمن ﻻئحة المواقع السياحية التي تدخل في برامج الرحلات  السياحية الى المدينة . الكثير من المواقع والشخصيات منحتها الحكومة التركية وغيرها من الحكومات  اهمية وامتيازات كبيرة ,وجعلت منها مورداً مالياً ومعلماً  تاريخياً ,ولكن واذا ماقارنا  هذه المواقع بأي موقع اثري في العراق كمدينة  بابل الاثرية مثلاً فلن نصل الى اي وجه من وجوه المقارنة. وحسب اعتقادي فان تركيا برمتها لاتمتلك موقعاً باهمية وعراقة مدينة بابل . اﻻ اننا طبعا نختلف بكيفية التعامل مع تلك المواقع حيث خطت  حكومة البعث الدكتاتورية الخطوات الاولى في عملية  تشويه اثار مدينة بابل بوضع اسم الرئيس الاسبق صدام حسين على طابوق جدرانها. ثم توالت مظاهر الاهمال مع تولي حكومات جاهلة, واحزاب دينيه تنظر الى مدينه بابل على انها مدينة ملعونة ومليئة بسحر هاروت وماروت وﻻتصح فيها الصلاة!! ,غافلين  تماماً عن ان هذه الاسطورة وحدها قادرة اذا مااستغلت بشكل جيد على احتذاب الاف السواح  من مختلف دول العالم .وهكذا بقيت مدينة بابل مهملة ومهمشه في ظل لصوص السلطة الذين لم يفكرو ابدا باهميتها وضرورة اعادتها الى ﻻئحة التراث العالمي او على الاقل صيانة مواقعها,او ترميم قصر صدام الذي يحضى بموقع رائع باطلالته الجميلة, على المدينة الاثرية من جهه وشط الحلة من جهة اخرى .فبدل ان يتم تحويله الى متحف تحول  الى مكب للنفايات, وسبورة سوداء للعشاق والمراهقين بعد ان سلمته القوات الامريكيه لمجلس محافظة بابل منذ عدة اعوام .كل هذا يحدث في العراق ,ففي الوقت الذي نرى فيه الدول تقوم بصناعه تاريخ ومواقع تراثية من العدم يتجاهل ساستنا الفاسدون اعرق امبراطورية شهدها التاريخ واقدم حضارة قدمت للبشرية اسس الحياة المدنية القائمة على القانون, وتركوها عرضة للسرقه والتشويه والاهمال .وهذا دليل واضح على مدى جهلهم بتاريخنا وارثنا الحضاري  .
إن مثل هكذا ساسة لايعون ولا يقدرون قيمة حضارتنا ,ويجهلون قيمة تاريخنا وماضينا لايمكننا ابدا ان نأتمنهم على حاضرنا ناهيك عن مستقبلنا.