18 ديسمبر، 2024 9:44 م

أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن 1/2

أتقع المسؤولية على القرآن أم على قراءة وفهم القرآن 1/2

كتبت في وقت سابق، وروجعت في 27/09/2009، ونشرت باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).

إذا ثبت لنا أن نبي الإسلام مرسل من الله، وأن القرآن هو الكتاب المنزل إليه، إيحاءً منه تعالى، لا بد من بذل جهد استثنائي لتأويل كل نصوص القرآن، بما يجعله منسجما مع العقلين الفلسفي والأخلاقي، ولا بد من بذل أقصى الجهد لفهم سيرة النبي المفترضة نبوته على ضوئهما. أما إذا ثبت لنا، أو افترضنا أن الإسلام دين مبتكر من اجتهاده، اقتبس فيه ما اقتبسه مما قبله، ونقح منه ما نقح، وأضاف إليه ما أضاف، وحذف منه ما حذف، وأن القرآن من تأليفه، اقتباسا، وتنقيحا، وتأملا ذاتيا، واجتهادا، أو تعلما وإضافة، عندها لا بد من أن نسجل مردودات الإسلام لرصيده، فنحسب له ما فيه من إيجابيات، وعليه ما فيه من سلبيات.

إذن لنتأمل فيما يتحمل مؤسس الإسلام مسؤوليته. هنا نستطيع أن نقول ابتداءً أنه هو الذي أسس للإسلام السياسي، فقد ابتدأ مسلما داعيا للإسلام، وانتهى إسلاميا مؤسسا لإيديولوجية الإسلام السياسي، وفكرة الدولة الإسلامية (دولة الله)، ومنهج الجهاد، وشن الحروب (المقدسة)، المسماة حسب أدبيات القرآن جهادا في سبيل الله، والغزوات والفتوحات، واستخدام العنف في سبيل الله، ونظرية إرهاب، وإرعاب الكافرين، أي الرافضين الاستجابة والتسليم لدعوته، لأن الكافر حسب المصطلح القرآني، هو كل من لم يؤمن بدين الإسلام، ونبوة محمد، وإلهية القرآن. هذا التحول من المسلم العرفاني الداعي للإسلام المكيّ (المكّوي)، إلى الإسلاموي السلطوي المُسيِّس للإسلام المدنيّ (المدينوي)، حصل إما لأنه قد حصلت لديه تحولات، بعدما دشن السلطة والدولة والسياسة، وإما أن مشروع الإسلام السياسي كان مُضمَرا، ومؤجَّلا لحين تهيؤ الظروف الملائمة له، وإما أنه شخّص أن دعوته لا يمكن أن تنتشر، إلا إذا كانت مدعومة بدولة وقوانين رادعة وجيش يخدم الدعوة بالغزوات والفتوحات، ويؤسس لمفهوم الأمة الدينية، اللاغية، أو المذوبة للهويات الماقبلية، التي نعتها بالجاهلية.

على ضوء هذا الفهم، كواحد من الممكنات العقلية، وما قد يرجحه الكثير من مفردات واقع السيرة، نجده بدأ بدعوة روحية إلى الإيمان بالله، وتوحيده، والإسلام (أي التسليم) له سبحانه، ثم انتقل إلى مؤسس لمجتمع أهلي، كمرحلة وسطى، بين المجتمع البدوي والمجتمع المدني، كما يذهب إليه المفكر العراقي أحمد القبانجي، ثم انتهى إلى أصولية إسلاموية، تَعدّ دينها سياسة، وسياستها دينا، كما كان يعبر عن ذلك الخميني مفجر الثورة الإسلامية الإيرانية، بقوله: «سياستنا عبادة، وعبادتنا سياسة» بالفارسية: «سیاست ما عبادت است، وعبادت ما سياست است».