10 أبريل، 2024 7:57 م
Search
Close this search box.

أبي العظيم الصور البكماء كرواتيا ….. نص فكري

Facebook
Twitter
LinkedIn

أزاحت منفضة النمر الفارسي وكوب الشاي وضعت علبة السجائر والولاعة الفضية على الطاولة الحمراء حملت أوراق القصيدة قرأت النص إبتسمت وهي تحاور الصورة الشعرية وجلست أمامي نظرت الى الصور المعلقة على جدران غرفتي صورة جيفارا لطالما كانت نقطة خلافنا صورة المنتخب الهولندي اولى محاور الحوار الساخر الذي يجري بيننا لكن رفيقة الدرب لا تستطيع الخوض في جدال بخصوص هذا الأمر فالبرازيل خرجت بخفي حنين في مونديال الدب الأحمر وان تجرأت وترجمت ما في عقلها وقلبها على هيئة دعابة ثقيلة ومزحة فيها رائحة السخرية حول الطواحين البرتقالية حينها سأضطر لفتح ملف فضيحة البرازيل وحادثة ( 7 أب ) مع الألمان في مونديال الدرعاء وما حدث بعدها في مباراة تحديد المركز الثالث والتي انتهت لصالح هولندا الصورة الأخيرة لأبي العظيم بقيت نظراتها تراقب محيا النبل والكرم والعطاء شعرت بسقوط دمعتين من عينيها الخضراوين …..

انه الحنين للحنان للكلمة الطيبة للعطف للرحمة

التفتت نحوي وقالت ….. أبي العظيم

2

أتجنب تصفح الصور وأرفض الخوض في سباق مع الاماكن والوجوه الجامدة التي التقطتها عدسة الكاميرا لكنني أحتفظ بها في المقصورة الثورية تحت ظلال غرفتي المزدحمة بالكتب بالمجلات بالصحف بالأوراق فالصور لها ابعاد سريالية وما تخفيه من قصص في زواياها تجعل القلب ينبض بالالم والعقل بالوجع …..

لهذا استمتع بفوضى يومياتي بعيدا عن الصور رغم ان الالم والوجع مرض مزمن اعاني منه منذ طفولتي فالوحدة والثورية والابداع والعمل والنصوص الفكرية والشعر والكتب الفلسفية والوجوه الكريهة والنفوس المريضة والرعاع والحثالة الذين اصادفهم هنا وهناك كل هذه الاشياء تسبب الالم والوجع لكن اعود الى نقطة الوجود والبقاء واقول هكذا هي الحياة فيها الاخيار والاشرار واقاتل من جديد …..

فالصور مشكلة كبيرة لا علاج لها لكن ان تم حرقها او قطع اجزاء منها فمعنى هذا ان الحرق والقطع قد وصل لشرايين القلب والعقل لهذا اتجنب الصور ولا اقترب منها فليست لدي القوة الروحية كي اقف امامها بوعي ثوري واتذكر اصدقاء الطفولة وشاطىء البحر وليالي العشق مع بيروت واللحظات التي تجمعني بأبي العظيم وانا طفل في الملاهي وامام المكتبة وفي يدي عدد جديد من مجلة مجلتي والمزمار وفي السينما والمدرسة …..

الصور هي الوجه الحقيقي للالم والوجع

3

ذهبنا انا ورفيقة دربي الى احد المتاجر لشراء احتياجات البيت من المواد الغذائية وبما ان لائحة الاشياء لها بداية لكن نهايتها غيرة مستقرة وثابتة فرفوف المتاجر مليئة بالعلب والاكياس وعربة معدنية واحدة لا تكفي لذا طلبت من احد ابنائي احضار اخرى وطلبت من الاخر تولي مهمة تسيير عجلات العربة السمينة واستكملنا عملية الشراء فالاشتراكية اساس حياتنا الاسرية والعدل قانون والحقوق متساوية لجميع الافراد من الصغير الى الكبير هذا النظام مهد الطريق كي اصنع جمهورية اسرية اشتراكية شعبية بلا رئيس فأفرادها قادة وثوار والعمل الجماعي والتضامن والتكاتف هو معيار نجاحها …..

خرجنا وفجاءة شعرت بشيء لزج وبارد على كتفي نظرت اليه ولمسته كان عبارة عن كريمة البوظة التفتت نحو الخلف وشاهدت فتاتين بعمر ابنائي تلتهمان فتافيت البسكويت

قلت ماذا فعلت لقد وسخت الفانيلة فجاء الرد صاعقا …..

قالت احداهن كلمات لم افهمها فتدخلت صديقتها وقالت انها بكماء هنا انهار قلبي وعقلي وشعرت بالخجل والعار وقلت لها اسف على سؤالي اللامنطقي الخالي من قيم الانسانية ورفعت قبضة يدي نحوه وقلت لها …..

المجد لك …

نظرت الي بنقاء وبراءة وذهول عميق عرفت انها لم تفهم ما قلت وركبنا انا ورفيقة الدرب وابنائي السيارة وتوجهنا نحو البيت ..

وانا اقود السيارة شعرت بالحاجة للبكاء وذرفت كومة من الدموع تساقطت بهدوء ..

ففي فوضى يومياتي اصادف العديد من الشخصيات الحية والجامدة فعندما ارى نملة تحمل قطعة من الخبز ابكي اشعر انني عاجر على مساعدتها والقطط التي تصرخ من البرد والجوع تجعلني ابكي والفقراء والشعوب المضطهدة والاخطاء التي تحصل في بقاع العالم ويكون ضحيتها الانسان فلو تكرر مشهد لقائي بهذه البكماء في مكان وزمان اخر سأحرص على رشقها بالزهور لعلي المس خيوط الغفران لما ارتكبته من اثم فكري وفلسفي بحقها لا يتوافق مع القيم والمبادىء التي اؤمن بها

فالثوار مجردون من حاسة الكبرياء وشمولية الذات …..

4

منتخب كرواتيا فعل ما لم تفعله منتخبات اخرى تأهلت الى كأس العالم فهو فريق قوي مقاتل شرس جريء لا يهاب المخاطر والكوارث الكروية التي سيكتب عنها التأريخ …..

فما تقدمه كرواتيا على المستطيل الاخضر في ملاعب روسيا يتخطى قواعد لعبة كرة القدم ويرسم ملامح اخرى تترفع عن مفردات السياسة وعالم المال والاقتصاد لأن الهدف هو الكرامة والقضية هي القيم والمبادىء وهذا يحدد الخطوط العريضة لمفاهيم ثورية تكاد تختفي في عالم مصاب بالساركوما الفكرية والفلسفية الانتحار فيه تهميش واقصاء للقيمة والبقاء هو زيادة رقمية لا تحل مشكلة انكماش العقل كون الفائض اصبح جدلية للغاية والوسيلة .

كرواتيا لا تلعب الكرة فحسب انها تعطي دروسا في القيمة وانكماش العقل لعل العالم يتعظ …..

المجد لكرواتيا …..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب