في طفولتي وعندما كنا نسكن محافظة بابل, كانت أمي تمتعض كثيراً من وجود السيارة القديمة والمتروكة خلف دارنا والتي كانت موديل مارسيدس على شكل بيك آب .

كانت هذه السيارة, تابعة لرجل مجرم إسمه حاتم كاظم ( ابو طبر), وجاء لقبه هذا لإستخدامه الطبر في قتل الناس بعد السطو على منازلهم وسرقتها !

حتى إننا عرفنا لاحقاً بأن أحد الدكاكين في السوق القريب لبيتنا , كان مُلك له !

تداولت حينها العديد من الأقاويل حول هذه الشخصيةالغامضة والمخيفة, سمعنا إنه كان يدخل بيوت الناس ليلاً وهم نيام ويقوم بقتلهم بالطبر بوحشية, ثم يسرق بيوتهم ويهرب بعد أن يضع رؤوس المقتولين في المزهريات !! .

واتذكر ما أن يتم إنهاء الحديث عن هذه الشخصية المجرمة التي أخافت العراق كله, حتى يهرع الرجال مسرعين إلى بيوتهم خوفاً على عوائلهم .

حتى إننا سمعنا من عائلة صديقة لنا وقتها, حيث كان الزوج سوري والزوجة تركية الأصل,  عند ذهابه للتسوق وبالذات من محله , والكل كانت تجهل أن له محل في منطقتنا , كان قد عرض له احد الباعة بإيصال المواد التي إشتراها لسكنهم , إلا أن الرجل رفض ذلك .لقد ضحكنا كثيراً بالحادثة التي رواها لنا الزوج بعد إلقاء القبض على هذا المجرم ( أبو طبر ) . لأنه من الواضح جداً إنه أراد ان يعرف عنوانهم حتى يقتلهم أسوة ببقية العوائل في عموم العراق .

كان ابو طبر حديث العراق كله, وكان حالة غريبة وشاذة وقتها لوجود الأمان في البلد والناس أصحاب ضمير حي . كان صعب على الناس تفسير وجود مجرم يعيش بينهم , ويقوم بكل هذا الإجرام لطيبة الشعب وحبه للحياة وإقامة الصداقات والسفر داخل البلد أو خارجه .

بعده بفترة قرأنا خبر إلقاء القبض عليه من قبل السلطات المختصة والمشاركين معه وتم إعدامهم جميعاً .

ابو طبر كان واحد وأفزع العراق كله, والآن كم ابو طبر موجود في العراق  يُمارس إجرامه بلاهوادة ورادع .

وآخر الجرائم هي مقتل طبيبة مقتدرة وإنسانة طيبة صاحبة ضمير ونزاهة في العمل هي

د. بان زياد طارق وبوحشية لا توضف !

وقبلها كانت الصحفية المقتدرة أطوار بهجت مراسلة قناة العربية, وكم من المواطنين تم قتلهم في الشوارع وأمام بيوتهم .

عندما افتح اليوتيوب, أقرا بألم اسماء شباب وبنات  تم قتلهم في ريعان العمر, وهم يدرسون في أرقى الكليات العراقية, ككلية الطب والهندسة والصيدلة . تم قتلهم من قبل النظام الصدامي بسبب إنتمائهم للحزب الشيوعي, ومما زاد ألمي إنني قرأت قتلهم طالبة مدرسة بسبب شكوكهم بإنتمائها الشيوعي !

ولحد الآن لا يعرفون قبورهم, اشعر بحرج من كتابة أسماء بعضهم, حتى لاأُزيد سيلان الدم من الجرح في حال قرأوا أهاليهم مقالتي .

وكم من العوائل الإيرانية الأصل تم إعدامها بما فيها البنات والنساء بسبب  إنتمائهم لحزب الدعوة , بدل ترحيلهم عن البلاد إلى إيران .

أما قاعة الخلد فكانت اكبر شاهد على العهد الدموي الصدامي, وكأن من مفاخر القادة هو أبدأ الحكم بإراقة الدماء حتى تكون مُهاب, هذا هو منطق الدكتاتوريين !

أشعر بحزن عندما أرى صور صدام حسين وقد قتل أقرب اصدقائه, بعد أن دعاه بمناسبة زواجه إلى عشاء في مطعم . وبعض من رفاقه الذين عارضوا سياسته وإسلوبه في التعامل مع شعبه .

كانت الهيبة تتمثل في الطيبة لأنها رمز للكرامة والكبرياء والشرف وكانت الناس تهاب الإنسان الطيب ويحسبون له ألف حساب إذا تمادى أحدهم أو تطاول أو فكر في أذى الإنسان الطيب لأن الكل ستقف معه .

منذ أن دشن صدام عهده الدموي سنة 1979م بقتله لأحمد حسن البكر رئيس الجمهورية السابق, والدماء تسيل في العراق لحد هذه اللحظة .

المطلع للكم الهائل للإعدامات التي قام بها والتي توزعتبين الشيوعيين والمنتمين لحزب الدعوة, يعتقد أن وقته بالكاد كان يكفيه لهذا الإجرام !

ليس من السهل أن يكون الإنسان قائد دولة, فيجب عليه ان يكون شجاع وجريء, حكيم وذا بُعد نظر ونظرة ثاقبة ومحب لشعبه ويضعه في المقام الأول .

لأن البلد قد يتعرض لإستفزازات خارجية, كما صار مع صدام وأدخلوه في حروب واوجاع لا نهاية لها .

هنا يلعب دور القائد الحكيم والذكي بالتصدي لهذه الإستفزازت بحكمة وذكاء .

وعلى الجيش أن يلعب دوراً مهماً في حماية البلد والشعب, لأن الجيش من يحمي البلد والشعب والسلطة, ولكن في حالة وجود سلطة غير نزيهة وغير عادلة وديكتاتورية , على الجيش أن يتدخل بقوة لإسقاطها .

أفكر لماذا لاينشر العراق جيشه على طول حدود خارطته, بل ويبني قلاع كما في السابق !؟

الدماء ملأت أنهار وشوارع العراق, تلك الأنهار التي تم ذكرها في الكتب المقدسة والتاريخ بكل تبجيل .

في زمن جينكيز خان صار لون دجلة اسوداً بسبب حبر الكتب الملقاة في النهر, أما الآن فأصبح اللون أحمر بسبب الدماء !

والكفاءات العراقية أما إنها قُتلت أو هاجرت بغير رجعة من العراق . فمن سيبني العراق وقد إمتلأ بالسارقين والجهلة !؟

كان حكم حمورابي عندما تفشل الشرطة  في العثور على السارق , أن تعوض المسروق حاجته, فمكا كان حكم حمورابي في قضية الدكتورة بان زياد طارق, والصحفية اطوار بهجت, وكل ما جرى للناس والبلد من الحُكام الفاسدين والتدخلات الأجنبية ياترى ؟

أحدث المقالات

أحدث المقالات