أبو ذر الغفاري شهيد الربذة *
لا صوت للحياة
في الفلاة
التي إسمها الربذة *
صحراء مترامية
جبال
صخور
تلال
لا طير على الأرض
ولا في السماء
لا عشبة هنا وهناك
لا أثر للحياة إلا أنفاس
أبي ذر وزوجته وإبنتهما
المرأة التي أتعبها السهر
تكفكف دموعها خلسة
كي لا ترهق البنت الصغيرة
والرجل المسجى
وهي ترى الحياة تختلج بين شفتيه
بزفير حاد
ووجه ممتقع اللون
أصفر شاحب
البنت الصغيرة تمسك
يد أبيها محاولة تدفئتها
بعد أن صارت باردة
الزوجة التي أتعبها التفكير
فيما ستؤول إليه الحالة
فالرجل يصارع الموت
ويشغر بين لحظة وأخرى
وكلما تنهدت بألم مكبوت
فتح المسجى عينيه
على سعتهما
عيناه مخضبتان بالدمع
تطلان على لحية بيضاء كثيفة
قال ما يبكيك !؟
قالت ما لي لا أبكي !
وأنت تموت بفلاة
من الأرض
وليس عندي ما أُكفنك به
ولا ما يجهز به الميت
وليس هنا من يدفنك
ومن يصلي عليك
إلا أنا وهذه الطفلة المسكينة
أبا ذر : – عودتني أن لا أسالك
ولكنك ستموت
وفي حلقي أسئلة كثيرة
أحلفك الله أن تجببني عليها !؟.
* الربذة : صحراء تبعد عن المدينة 200 كم
رواية على حلقات