18 ديسمبر، 2024 10:18 م

أبوابٌ مُغلقة, تُفتَح لأول مرة

أبوابٌ مُغلقة, تُفتَح لأول مرة

ألابواب الموصدة بِأحكَام, تحتاج لأكثر من تصريحات لفتحها والمرور منها, خصوصاً تلك الأبواب التي أنغلقت نتيجة ألخلافات المتراكمة, وصعوبة الوصول لحلول ولغة حواراً تزيل عقبات ذلك الاختلاف, فتنشئ لغة العدائية وعدم تقبل الأخر, لا من قريباً ولا من بعيداً, فبدل الوقوف مع جانباً معين, يبدأ التجمهر ضده بأمتياز, فنجد أن لكل طرفاً من المعادلة رايةً تحمل توجهاته وتطلعاته الحالية وفي الاعم الاغلب المستقبلية منها, قد تميزه تارة, وتهمشه تارة أخرى, فالأمر مقروناً بأمكانية التحكم بالأوضاع وأتخاذ القرارات الصائبة, وعدم الخوض في خضام تفاصيل العدائات التي أن لم تؤخر تطور ذلك البلد, فهي بالتأكيد لن تقدمه خطوة للأمام.

الأنفتاح على الاخر ضرورة يسعى لها من يمتلك الحنكة والدراية السياسية الكافية, لأدارة العلاقات بشكل دبلوماسي ورتيب, فالانغلاق على نفسك اليوم لم يَعد يجدي نفعاً, وأن كانت تمتلك الامكانيات القصوى التي تمكنك من الاعتماد على نفسك وعدم الحاجة الى طرفاً أخر, فالأستقرار الداخلي قبل الخارجي, يحتم عليك بناء العلاقات التي تعلم جيداً أنها عاملٌ مؤثراً جداً في ترتيب الاوراق الداخلية وبسط لغة الاستقرار, ضمن المساحات التي تتطلب ذلك .

العراق والسعودية, كفتا ميزان لا يمكن لها التساوي أبداً, ولا نقصد بالتساوي معادلة في الموازنة لكافة القطاعات, ولكن مقدار التجاذب في العلاقة بين الطرفين, خصوصاً كمية التوتر الذي كان يسود تلك العلاقة وأختلاف الرؤى والمناهج الأدارية المختلفة, فالطرف الاول كان منغلقاً طيلة الفترة السابقة لمعالجة الازمات الداخلية, وأن كان منفتحاً فالقليل لا يعني الكثير, والطرف الثاني كان ينتهج أسلوب العدائية وعدم أحترام الاخر, تحت مبدأ الدين هو من يقود السياسة, فمن يحمل شعاري فهو الأحق في دخول داري, ألا أن السياسة لا تحمل لغة مناهج محددة, ولا بد لها يوماً من تغيير خارطتها وفق ما يتطلب ذلك, وما كان لذلك الامر الا ليفتح الابواب الموصدة من زمان بين طرفين يشتركان في الاصل بالعديد من الروابط, الأ أن لغة الفرديات كانت سائدة بعض الشي, ألا ان نجدها اليوم تذوب فوق ذلك الجبل, الذي لو بقي المسلمون فوقه لما خسروا معركة أحد.

أسرار التطور الحاصل في العلاقات السياسية بين الطرفين, تتجه بنا لاطمئنانً كبير في أن المرحلة الحالية تحمل أستقراراً واضحاً وملحوضاً, والمرحلة القادمة ستحمل العديد من المفاجئات المرتقبة حصولها, فالأستقرار الداخلي للعراق على الصعيد الامني بعد مرحلة داعش والقضاء عليه, والخروج من المعركة منتصراً بجهود أبطاله, حمل رسالةً واضحة أنه قادراً على الدفاع عن تلك الأرض بكل قوة, تجاه أي خطراً يُفكر في الدنو قريباً منها, وعلى الصعيد السياسي كيفية التعامل مع ازمة كردستان والاستفتاء وفق الدستور والقانون, أوصل رسالة واضحة لقوة السلطة في التصدي للعقبات ومعالجتها قانونياً ووفق الدستور الحافظ لكل حقوق أبناء ذلك الوطن, أما في ما يخص السعودية التي تعيش بدورها مرحلة أنفتاح وأستقرار وحكماً جديداً مُنتهج سياسياً ولا يفرق بين طرفاً أو أخر بل أن لغة الاعتدال نجدها هي من تسود اليوم خصوصاً وأن كانوا مدركين, أن المرحلة السابقة كانت للنسيان, وان المرحلة القادمة تتطلب ضرورة الانفتاح على الأخر خصوصا الأطراف المتظررة من النهج السعودي السابق, ملامح التغيير بدأت واضحة ومعلنة وصريحة, العراق والسعودية يفتحان أبواباً موصدة من زمان, على أمل أن يكمل الاول سلسلة أنتصاراته الخارجية بعدما كانت داخلية, ويعوض الثاني ما فاته لتلافي أقل قدراً من الخسائر …