قربه عدد من النقاد والمتابعين ومتذوقي الادب والشعر بالشاعر العربي الكبير نزار قباني لشعره ورهافته حول المرأة والحب والغزل والحرية والجمال , ولتمرده على القييم البالية لتقييد حرية المرأة وأبداعها .
ولد يوم ٣ أكتوبر العام ١٨٩٥ في بلدة ريفية ( قسطنطينوفو ) تقع على ضفة نهر ( أوكا ) في ناحية ( ريازان ) وسط روسيا , وأنتحر يوم ٢٨ ديسمبر العام ١٩٢٥في فندق ( إنغليتير ) , وفي أحد غرفه عثر عليه متدلياً بحزام حقيبة على عمود للتدفئة الكهربائية , الهوتيل الذي هدم لاحقاً عام ١٩٨٧ في العاصمة القيصرية ( بطرسبورغ ) . والذي شهد مشهداً تراجيدياً بأنتحار شاعر جميل وشفاف ورقيق عن عمر ناهز ثلاثون عاماً في قمة فتوته وأبداعه وعطائه , ويعتبر من ألمع شعراء روسيا , لكن هناك من يعتقد أنه قد قتل في زحمة الصراعات السياسية أنذاك , حيث التحولات السياسية الكبرى على أرض روسيا تمخضت عنها ثورة أكتوبر العظمى , والذي كان من الداعيين لها ومؤيديها لكن سرعان لم يجد لنفسه مكاناً بها , ولم يرى فرقاً بينها وبين سلطة القياصرة , وهذه تركت تداعياتها السلبية على مجمل حياته . تزوج في وقت مبكر من أمرأة في فوران شبابه وأنجبت له ولد وبنت وبسبب هذياناته وسكره وعربدته هجرها في ظروف صعبة جداً رغم ميله الديني والأيمان بالخالق عكس أقرانه من الادباء والشعراء وعلاقتهم بالجمال , أعتبر من شعراء الطبيعة الروسية بما تتميز به أشعاره من صفاء وجمال . تعرف وأتخذ منها كزوجة الراقصة والفنانة الامريكية ( إيسدورا دونيكان ) وهاجر معها الى أوربا وأمريكيا , لكنها لم تتحمل فوضويته رغم أنها تكبره ب ١٨ عاماً . فعاد الى روسيا رغم تمرده على الوضع السياسي القائم وموقفه المسبق من ثورة البلاشفة ربما أعتقاده الديني هو الدافع النفسي والفكري والسياسي , حتى في موته حضرت أمه مراسيم التشييع والدفن وطلبت أن يدفن على أساسيات ومعتقدات الديانة المسيحية , لكن لم تجري الأمور مثل ما أرادت وتمنت . عاد الى الاتحاد السوفيتي بعد أن هجرته زوجته الامريكية . عاد وفي داخله ندم ورغبة بالعودة الى زوجته الروسية أم أولاده فاصطدم بالواقع حيث وجدها متزوجة من رجل أخر , فلم يبقى أمامه خيار الا توديع أطفاله وبعد يومين شيع نبأ أنتحاره . رغم قصر حياته , لكنه تعرض الى ثلاثة زيجات فاشلة , قد تكون واحدة من الاسباب كما تعزى له هو أدمانه على الكحول .
من أشعاره
غدًا أيقظينى ساعة الفجر
يا أمى الصابرة
علىّ أن أغدو عبر تلال الطريق
لألقى ضيفا عزيزا
فى الأجمة الكثيفة اليوم
أبصرت آثار عجلات عريضة على المرج
وتحت الغيوم المتشتتة
كانت الريح تهز قوسها الذهبى
غدا يسرع مندفعا مع الفجر
مميلا القمر قبعة تحت الشجيرات
وعلى السهل المنبسط
لعوبا يتأرجح ذيل مهرته الأحمر
أيقظينى غدا ساعة الفجر
وأوقدى فى الغرفة الضوء
يقولون أنى سأصبح قريبا
شاعر روسيا ذائع الصيت
أتغنى بك أنت …أتغنى بالضيف
بالديك والموقد والمأوى..
وعلى أغنيتى
يندلق حليب بقراتك الشقراء
هى ذى السعادة الحمقاء
نوافذ بيضاء تطل على حديقة
وفوق البركة ينحدر المساء الهادئ
بجعة قانية
طاب مساؤك أيتها السكينة الذهبية
حيث تنطرح ظلال البتولا على الماء
وجمع من الزاغ فوق السقف
يتلو صلاته المسائية على مسمع النجوم
وفى مكان ما، عبر الحديقة
حيث تزهر شجيرة الكالينا
فى ردائها الأبيض تتغنى صبية رقيقة خجلى
بأغنية ناعمة
وعلى الحقول تنبسط برودة الليل
مسوح رهبان زرقاء
أيتها السعادة العزيزة الحمقاء
يا وردة الخدود الغضة .
الشاعر يسينين رغم قصر حياته الادبية ( الشعرية ) , لكنه ترك نتاجاً ثراً في تاريخ الشعر الروسي والعالمي , وما زالت محط أهتمام أدباء العالم . تعرفت عليه لأول مرة في مطلع الثمانينيات في العاصمة بغداد من خلال نتاجاته وحول ما نشر عنه وعن حياته وأشعاره في العاصمة بغداد في مطلع الثمانينيات في مجلة الثقافة للمرحوم صلاح خالص , وكان الفضل الأكبر في تعريف القراء العراقيين والعرب عليه , هو الاستاذ حسب الشيخ جعفر الذي تناول حياته وشعره .
ولد ونشأ في عائلة ريفية فقيرة , وقد تفرد بموهبته الشعرية منذ الصغر وسط أحضان الطبيعة وبين جداول الحقول وصهيل الخيول ورائحة الأرض ظل طيلة حياته يتغنى ويكتب ويحن الى ضيعته الريفية والتي أصبحت جزء من نتاجاته الادبية وأبداعه , والتي لم تفارقه في جملة تفاصيل حياته , وما زالت تقام على تلك الأرض مهرجاناً شعرياً سنوياً أعتزازاً بأنتمائها الى الشاعر يسينين . وهناك جائزة سنويه بأسمه تمنح للادباء المبدعيين . وقد أقيم تمثالاً له وسط مدينته . في بداية حياته حاول والده والذي يعاني من ضنك العيش أن يبعده عن موهبة الشعر , فأخذه وأنتقل به وبالعائلة الى العاصمة ووجد له مكاناً للعمل في متجر للحوم , لكنه سرعان ما تركه رغم العوز المادي , لانه موهبة الشعر كانت طاغية على شخصيته , ففي هذه الاثناء تعرف على الاديب والشاعر الكبير ( ألكسندر بلوك ) , الذي كان شاغل الصحف والنقاد بشعره , فرحب ألكسندر به أشد ترحيباً وساعده في نشر أشعاره بأهم الصحف والمجلات الواسعة الانتشار , مما درت عليه أموالاً , أنقذت نوع عما أزمته المادية .
وقد قال عنه الاديب الكبير ( بوريس باسترناك ) ” لم تلد الأرض الروسية مَن هو أكثر محلّية وأكثر عفوية،
مَن هو أكثر وطنية وأفضل توقيتاً ممّا هو سيرغي يسينين…
وفي ذات الوقت، لقد كان يسينين مثالاً حياً ينبض بالأدب، الذي
يواصل تقاليد بوشكين، الأدب الذي ندعوه ذروة المبدأ الموزارتي .. ”
شهد الاتحاد السوفيتي بعد موت قائد ثورة أكتوبر الزعيم لينين ١٩٢٤صراعات حادة بين قطبين بحزب البلاشفة تروتسكي الذي كان من قادة ومنظري حزب المناشفة , لكنه أنضم الى البلاشفة قبل ثورة أكتوبر , وبات أحد قادتها ولاقى أهتماماً كبيراً من القائد لينين فوصفه من أنظف العقول في قيادة الحزب , وستالين الذي فتح أبواب الحزب الغير متعلمين بين صفوفه على حساب مباديء الحزب الاصيلة , وأنتهى هذا الصراع الى الافتراق السلطوي في الحزب , ختمها ستالين بقتل رفيقه تروتسكي شر قتله في ألة ( الفأس ) بعد أن لاحقه وهو خارج البلد الى المكسيك , والبلد الذي ختم مسيرة حياة مفكر وسياسي , قتل على يد الشيوعي الاسباني ( رامون ميركادير ) , والذي كان يحظى بثقة عائلة ليون تروتسكي , والذي تبينت لاحقاً علاقته مع المخابرات السوفيتية , وقام بفعلته بتوجيه من الرئيس ستالين , وقد حكم عليه عشرون عاماً وهي أقصى عقوبة يسمح بها قانون البلد ( المكسيك ) وبعد خمسة عشر عاماً خرج من السجن ووصل الى موسكو وتم تكريمه ومنحه وسام لينين , وقال قبل مماته ” ما زالت صرخة تروتسكي يرن صداها في ذهني طالما حييت , عندما فج رأسه بالفأس . لم يكن هذا الصراع بمعزل عن الحياة العامة في روسيا وتحديداً الادباء والشعراء والتي تركت ظلالها التراجيدية على مسرح حياة الشاعر يليسين كغيره من الادباء والشعراء . الذي كسر نفوس الكثير من الحالمين بمبادئ الثورة والعدالة. في تلك الفترة سقط العديد من أصدقائه الشعراء ضحية المناخ الشرس، وسقط هو في دوامة من التوجس والخبال النفسي شدته إلى حافة الجنون . كانت روح الشاعر سيرغي يسينين تنبض بشعر وروح بوشكين / باسترناك / ليرمنتوف . ونثر وأدب تشيخوف / تورغنيف / دستوفيسكي . من يقرأ حياة ستالين وقيادته للبلد والحزب فعلاً الرئيس العراقي صدام حسين مستفاد من تجربته في الحكم بقتل رفاقه على فرضية الشكوك والتميز . كما كان يروى .