23 ديسمبر، 2024 5:09 ص

للماء أبناءٌ من الشعراء والأصلاب
تمتدُ السلالةُ في القديمِ
نوابغٌ في الضوء والأشجار
مُذ ولدوا كباراٍ رائعين
كأنّهم آيٌ من ألأقمار في سدف الظلامْ
ولكل ضوءٍ لونهُ وبريقهُ بين الغمامْ
ولكل نجمٍ سحرهُ
وبيانه الممتدُّ في أقصى الكلامْ
مَنْ نحن . . هل صنفٌ من الجنّ الكرامْ ؟
أم معشر الشعراء يمشي خلفهم
شجرٌ وفوقهم اليمامْ ؟
هذا امرؤ القيس ،
على الأطلال يبكي – واقفاً – :
ذكرى الأحبة والمنازل قد عفت آثارها
كيف الوصول إلى الحبيبة
والخطى تمحو الخطى؟
وجهٌ من الصحراء يبتكر الشموس
ولم يصبْ أشفارها
يجري ويستبق الرياح،
يلفُّها بردائه ،
علّ المُنى يوماً يزور ديارها
عمرو بن كلثومٍ ينوء بحملها ،
ويصول بين قبيلتين ،
الحرب تضرمُ نارها
ولقد روى بحماسةٍ في لوحهِ أسرارها
يطوي الفرزدق بعده سُبل الفلاة
ويمتطي صهواتها
أفيا ترى بلغ المنى في زعمهِ ؟
عيناهُ تلتمعان في كأس النؤاسي
الذي كرع الخمور
وما استقى انوارها
هذا النخيل ثمارها
يتناوبون على الإمارة حالمين
وصاعدين إلى السماءْ
الليل ملهم بوحهم
وصحائف الصحراء ماءْ
في كل فجر شاعرٌ
وبظله الغَاوُون ريشْ
حشدٌ من الأسماك في نهرٍ يعيشْ
حُمرٌ معتقةٌ صبابة لوعةٍ فينا
تهدهدها الرياحْ
أحلامنا، أشعارنا ،
الأمطار يغسلها الصباحْ
تحبو على جمر الحروف
النازفات من الجراحْ
وشجونها الصمت الغضوب،
كأنه البركان في عطشٍ قراحْ
…….
نحن الخلقنا الروح من دفق الحنينْ
نحن الصنعنا الطير من ماء وطينٌ
وفي الغيوم البرق بعض ضيائنا
وفي النسيم تطوحت آمالنا في الحالمينْ
وبكل انثى نفحنا ،
صغنا الجمال لضوئها
لتفوحَ من نفحاتها في الياسمينْ
.. هذي العيون الخضر من بستاننا
ورفيفها دمعٌ اغَرّْ
صوت المعرّة في الشآم
وفي السماوة أحمدٌ يقفو الأثرْ
ما أجمل الشعراء حين تعدهم
شجراً شجرْ
وظلالهم حجراً حَجَرْ
…..
الشعر سحرٌ شاردٌ ،والجنّ لا مأوى له
فكيف يرتاد الديار،
وكيف يُطلب أن يُزارْ؟
يا أيها الرائي لوحدك جالسٌ
تتأمل الكأس التي بالأمس يملؤها الغبارْ
تتخيل الوجه الذي قد كان يرسمهُ
النبيذ على الجدارْ
يا كمْ سكرت مع القصيدة ..
كدتَ أن تنسى ،
وأنك قد نسيت
من كان يجلسُ في جوارك
لم يبق غيرك ..
لا ترَى غير الصدى ،
والهامس السريّ
يلقي بالهواجس في حوارك
وليس غيرك من يدقِّقُ في غيابك
إن سرحت وأنت في تيهٍ
وفي سجع البلابل والهدى
ما بين ليلك أو نهارك
فارسم لنزفك ما تشاء من النجومْ
وانقش حروفك في الهمومٌ
وأطلق خيالك في الفضاء،
فالكونُ لك..!
…….