مجتمعات البشرية بعضها يعيش والبعض الآخر يطيش , والعيش يحتاج لإعمال العقول , والطيش لتعطيلها , أي أن هناك مجتمعات ذات عقل فاعل , وأخرى ذات عقل عاطل.
مجتمعات العقل الفاعل قوية ومؤثرة في الحياة الأرضية , ومجتمعات العقل العاطل منزوية فيما يزيدها ضعفا وخسرانا شديدا.
ومن مميزات المجتمعات الطائشة , إندحارها في حالات غابرة , وتمسكها بأوهام عقيمة لا تتواكب مع عصرها , وإغراقها في سَوالف وأجداث , وتقديسها للبشر , ولثوابت قولية حولتها إلى قوانين سماوية.
وتعيش أمية مكانية مروعة , وتنغرز في نقطة زمنية تلغي بموجبها أبعاد الزمن , وتحسب تيار الأجيال المتوافدة مستنقع يتعفن ما فيه ويبيد , لأن المطلوب صناعة نبيذ الضلال والدجل المقدس المعتق في قوارير قالوا!!
وما قالوا , ولكن نوازع النفوس الأمّارة بالسوء ربما قوَّلتهم وأمعنت بإمتطائهم , لتأمين رغباتها وتطلعاتها المخادعة المتوثبة نحو إفتراس حقوق الآخرين.
ولذلك أصبح الدين تجارة , ونشاطات تدر أرباحا ومغانم وفيرة , يسيل لها لعاب الذئاب المدَّعية بدين , والأحزاب المؤدينة , والجماعات المتمذهبة , والمدججة بالعواطف السلبية والإنفعالات النارية الحانقة الكارهة للدنيا والدين.
ويبقى ناعور الأدينة يدور ويغرف من ذات الحوض الراكد المستكين , الذي يسقي الحيارى سموما , ويلقي بهم في خنادق الوجيع والأنين , وكأنهم الأحطاب المعدة كسجير في تنور الويلات والتداعيات , المتشوِّف للسعير والحالم بجحيمات سقر.
فأين الدين من الدين؟
وهل أن الحياة في الدين؟
أسئلة تتقافز بين أمواج التداعيات والإستلابات والتمنطق ببلاغة دين , وكأنها الأسماك التي تبحث عن الخلاص من الماء , فيأتيها الهواء بما يرديها , ويطعمها لفم يترقب الخارجين عن نهر القطيع!!