الأبقار الحلوبة أصبحت في عهدة حلاّبة مهرة متمرسين ومشهود لهم بتجفيف الأضرع المدرارة.
وقد بدأ الحلب المروع الفظيع في مؤتمر التوقيع على أساليب الحلب الوفير فجنى الحلاب ما لا يخطر على باله من المليارات, فقرر أن يلعب لعبته ويطلق أطماعه ويوهم الأبقار بأنها ذات حليب متميز , وعليها أن تجتمع وتتكاتف وتنطح بقرة مدرارة لكنها نافرة من القطيع.
وصدقت الأبقار هذه الدعوة أو اللعبة , وقررت أن تحاوط البقرة المدرارة , التي يتحين فرصة حلبها الحلاب العتيد , ويعد أن وضعت في زاوية المساومات وتكالبت عليها الأبقار , جاءها الحلاب وقد أذعنت فاستدرها وربت على خزين حليبها فاسترخت وفاض حليبها , واجتمعت ملياراتها في جيوب الساعين لإمتلاكها , وإذا الأبقار من حولها تتجمد في مكانها وتحتار في أمرها.
وما قالته الأبقار إنقلب وبالا عليها , وما فعلته أصابها بمحنة تواصلية وإضطراب تفاعلي , يساهم في التناحر والتنافر والسقوط في أحضان الحلاب الشهم المغوار , الذي شفط نفطها من قبل , واليوم سيستحوذ على أموالها ويجفف ضروعها , ويتركها عجفاء بلا لحم وشحم فالطامعون لا يشبعون من نفظ ومال.
تلك أحوال الأبقار والأمة تتضور من الخراب والدمار والأوجاع والحرمان , والفقر والمرض والتلويع بالحاجات والويلات والضراعات الداميات.
أبقار حلوب وأمة تلوب من آلامها وقهرها وظلمها ووجيعها المقيم , فما عادت تعرف الفرح ولا تدرك قيمة الحياة , التي تحولت إلى عبئ ومحنة تعصف بوجود أبنائها وحاضرها ومستقبلها.
وما دامت الأبقار مدرارة والحلابون يتسابقون ويتنافسون بمهارات حلبهم , فأن الواقع سيتحول إلى ركام , فالأبقار إلى هزال وإنخذال , والأمة في مقتل يتولاه مقتل!!
ودامت الأبقار الحلوبة في مرابع المراعي المحوطة بأسوار وحرس وذئاب , ووحوش متأهبة للإنقضاض على أية بقرة ذات ثغاء!!
وما أسهل حلب العرب , وإسقاطهم في حفرة الوجيع , وسكب نفطهم على رؤوسهم , ليستكينوا للرماد والدخان , وهم راتعون تابعون , يتأسدون على أخيهم العربي , ويستجمعون عليه العدوان.
وتلك خلاصة أمة إرتضت أن تكون بقرة يتنعم بحليبها مَن يريدون جزرها وسلخها حيةً راضية متوسلة متلذذة بموت سعيد!!
فلماذا لا نجيد حلب أبقارنا وتربيتها؟!!