18 ديسمبر، 2024 8:45 م

أئمة التشيع بين الزهد والمنبر المرصع

أئمة التشيع بين الزهد والمنبر المرصع

عندما نقرأ سيرة أئمة أهل البيت الأطهار نجد أنهم كانوا من أزهد الناس وأفضلهم، وأبعدهم عن الدنيا، رغم ما كان بأيديهم من أموال،ومكانة مرموقة بين الناس، وما يعطى إليهم من حقوق مالية ومصادر عينية، لكنهم كانوا يصرفونها على الفقراء والمساكين، ويعيشون عيشة الزهاد والتواضع

وهو من أعظم المقاصد، وأجل الموارد، وأنجح الوسائل في تزكية النفس وتهذيبها وتحقيق مرضاة الله سبحانه وتعالى ،فكانوا يقيمون الشعائر الدينية والخطب على منابر متواضعة جدا دلالة على تطابق الكلام مع الافعال في حث الناس على ترك الدنيا وزينتها والاعراض عنها والقبول بالقليل الكافي منها في سد احتياجات الناس على العيش وترك ملذات الدنيا الفانية من زخرفتها وزينتها

لقد كان بامكانهم بما لديهم من سلطة دينية ان يعتلوا اجمل المنابر المرصعة بالجواهر والذهب وان يرتدوا اجمل الثياب والحلي وان يعيشوا عيشة الملوك والامراء ،على افرشة من حرير واستبرق، لكنهم كانوا يؤمنون بالله سبحانه وتعالى ايمانا مطلقا خشية من غضبه وطمعا في مرضاته لكسب جنته والاخرة وهم يؤدون دورا رساليا وقياديا للامة وهم مثال القدوة الحسنة للناس،الذي اساسه الزهد والتواضع والخلق والعدل والاصلاح على الارض

كما ان الاسلام لا يزهد الناس في الدنيا ليتركوها مطلقا وينقطعوا إلى الآخرة، ولا يرغبهم في الآخرة ليقبلوا عليها مطلقا ويتركوا الدنيا؛ بل يتخذ بين ذلك سبيلا، هو الجمع بين خيري الدنيا والآخرة. أما زهد ال البيت الذين انقطعوا عن الدنيا باالكامل، ورغبوا في الآخرة فهذه نافلة فرضوها على أنفسهم تقربا لله تعالى ولم يفرضها الله عليهم. لكي يفرضوها على الناس فالزهد الحقيقي هو الكف عن المعصية والتفاخر والتزين والمغالاة والتشدد وعما زاد عن الحاجة،وحضارة الإسلام لم تقم على الزهد في الدنيا والانقطاع للآخرة بل مزجت الدنيا بالآخرة فآتت أكلها طيبا بدون مغالاة

لقد اتخذ ال البيت الزهاد الزهد سبيلا يبعدهم من الحياة السياسية والحياة المترفة كما ان حث أهل البيت عليهم السلام الى الناس باتخاذ الزهد سبيلاً إلى الآخرة لا غير، وكان هذا منهج رسول الله صلى الله عليه وآله واهل بيته عليهم أفضل الصلاة والسلام، فقد سئل الامام أبو جعفر عن أشد الناس زهداً فقال: من لا يبالي الدنيا في يد من كانت، فقيل له: من أخسر الناس صفقة؟ فقال من باع الباقي بالفاني فقيل من أعظم الناس قدراً؟ فقال من لا يرى الدنيا لنفسه قدراً، وملاك الزهد الحقيقي عند الامام محمد الباقر عليه السلام هو التقوى بمفهومه الإيجابي والدقيق في متابعة الاستباق إلى الخيرات وإغاثة الملهوفين، والقيام بأمر الله تعالى لا تأخذهم في ذلك لومة لائم، فهو يقول: إن أهل التقوى أيسر الناس مؤونة وأكثرهم معونة إن نسيت ذكروك وإن ذكرت أعانوك قوالين للحق قوامين بأمر الله فأجعل الدنيا كمنزل نزلت به وارتحلت عنه….