نشرت كمقالة باسمي المستعار (تنزيه العقيلي).
من المصطلحات الدينية (المُعجِز) أو (المُعجِزة)، تذكيرا أو تأنيثا، وجمعها معاجز أو معجزات. والكلمة كما هو واضح هي اسم فاعل للفعل (أعجَزَ، يُعجِزُ، إعجازاً)، ومعنى ذلك أن الصادر منه الإعجاز، أي (الفاعل) يجعل الموجَّه إليه الإعجاز، أي (المفعول به)، عاجزا، فهو يُعجِزُه، أي يجعله عاجزا، أي يسلب منه القدرة، وهذا غير المراد من المعنى الديني للإعجاز، بل هو المعنى الثاني، أي يتحداه بالإتيان بما يعجز عنه، ليثبت له أي للمُعجَز عجزه عما هو، أي المعجِز، آت به. والمعجزات حسب لاهوت الأديان [أو لاهوت الإسلام تحديدا] هي من خصائص الرسل والأنبياء، ولعلها تشمل غيرهم من الذين خصهم الله بتلك المعجزات حسب عقيدتهم، وسمى المسلمون النوع الثاني بالكرامات. وسُمِّيت المعجزة أيضا في قرآن المسلمين بالآية، وجمعها آيات، مع إن لمفردة الآية مجموعة معان، منها المقطع القرآني الذي هو جزء السورة، ومنها الدليل، أو العلامة، أو الغضب الإلهي النازل على قوم ما. والغرض من ظهور المعجزة النبوية أو الآية هو إثبات صدق دعوى النبوة، وإقامة الحجة على المُعجَزين، أي أولئك الذين ظهرت لهم المعجزة النبوية. والمعجزة النبوية غالبا ما تكون إما خرقا لنواميس الطبيعة، وإما أي عمل خارق للعادة، على أقل تقدير في زمن ظهور المعجزة. وفسر قسم من اللاهوتيين الدينيين ظهور الخارق لنواميس الطبيعة، بأنه تعطيل من الله لقانون من قوانين الطبيعة، وقسم آخر يقولون إنه لا يمثل تعطيلا لقانون طبيعي، بقدر ما يمثل توظيفا من الله لقانون طبيعي آخر، لم يكتشفه الإنسان، على أقل تقدير إنسان عصر ظهور تلك المعجزة النبوية. أما الخوارق التي تُدَّعى لغير الرسل والأنبياء، فلا تسمى بالمعجزات، لأن المعجزات – لا أقل عند المسلمين – من خصائص النبوة، ولذا سميت الخوارق الظاهرة لغير الرسل والأنبياء، كالقديسين وأئمة أهل البيت وأئمة الطرق الصوفية، أو لعله أيضا أئمة المذاهب، ولمن سواهم، سميت هذه الخوارق بالكرامات، ومفردها (الكرامة).
نُسِبت الكثير من المعجزات للأنبياء، خاصة لإبراهيم، وموسى، ويونس، وعيسى. والمسلمون نسبوا أيضا المعجزات لنبيهم، ونسب قسم من الشيعة الكرامات لأئمتهم، لاسيما لعلي، والمتصوفة السنة للأولياء أو أئمة الطرق الصوفية. ولكن المسلمين يركزون على ما يسمونه بالمعجزة الخالدة، ألا هي معجزة القرآن. وأكثر ما طرح الإعجاز البلاغي، بدعوى أن بلاغة القرآن كانت في وقت ما يسمى بالنزول، وإلى يومنا هذا، وإلى يوم القيامة، مما يعجز الناس عن الإتيان بمثلها. ولكن في العقود الأخيرة ظهرت مجموعة صرعات للإعجاز القرآني في العديد من المجالات، ومنها ما سمي بالإعجاز العددي، وما ادُّعِي من الإعجاز العلمي، ناهيك عن إعجاز الإنباء بأحداث لاحقة زمنيا للنص القرآني المُنبِئ عن ذلك الحدث.