22 ديسمبر، 2024 6:54 م

آهل السنة و السبهان!!

آهل السنة و السبهان!!

تمحورت ردود الفعل على تصريحات السفير السعودي في العراق ثامر السبهان عند أفعال طائفية لا علاقة لها بثوابت الدبلوماسية و التعامل بالمثل و الأشخاص غير المرغوب فيهم، مثلما كشفت عن وهن خطير في الدبلوماسية العراقية و الحزم الحكومي فكان باستطاعة الحكومة اعتبار السبهان شخصا غير مرغوب به و “كفى الله المؤمنين شر القتال”، خاصة و أن قرار الموافقة على اعتماده جاء من الحكومة و ليس الشعب، كما أن العلاقات الدولية لم تشهد موقفا مشابها لسفير سعودي في دولة غير العراق، ما يضع اللوم على ضعف سيادة القرار الرسمي العراقي بسبب سياسيين ينظرون الى هيبة العراق من أسفل.
يتباكي البعض على رضا السعودية و كأنه يجهل عن سوء نية بأن دبابات الاحتلال و طائراته مرت من هناك و بالتالي القضية لا تتعلق بخوف على آهل السنة كما يتوهم البعض بل لعبة مصالح اقليمية و دولية كانت لتمر حتى لو تم ” طحن عظام جميع آهل السنة”، و بالاستنتاج البسيط فانه من غير المقبول قيام سياسيين بمحاولة ربط شريحة اجتماعية كبيرة بمتغيرات اقليمية توظف الفتنة الطائفية لتمرير مصالحها و حماية أمنها القومي، فيما يتنباهى سياسيون بالتبعية لتنفيذ هذا المخطط.
لا علاقة لآهل السنة كمواطنين عراقيين بتحالفات سياسيين مع السعودية أو تركيا أو قطر و الصومال قبل و بعد احتلال العراق، حيث عمل الكثير منهم ” أدلاء” لحماية حدود هذه الدول من ” مؤامرات” النظام السابق،ليس من باب الخوف على الطائفة بل للفوز بالعيش الرغيد، و هناك روايات كثيرة عن ” أكل الماعز بشعرها” من سياسيين غيروا بوصلة الولاءات بمغريات المال مع استعداد غيرهم للمرور بنفس الاتجاه وربما نقيضه أيضا، ليتم ذبح أبناء جيل كامل على مقصلة ” جوع ” النفوذ بالمال و غيره.. فالدول تدفع لحماية آمنها و سياسيون يقبضون لذبح آهلهم.. مفارقة ثقافات الاحتلال و آهله.لم تهبط دبابات و مدافع و جنود الاحتلال الأمريكي على العراق بالمظلات و لم يتم ارضاع مقاتلاته فوق المحيط الأطلسي بل أنطلقت من اراض عربية و تركية لا ايرانية، وهي حقيقة يجب التركيز عليها لتلمس طريق الحقيقة و تشخيص مراكز الخلل في العراق، فقد تم حشر آهل السنة بمعركة مصالح و أيديولوجيات لا ناقة لهم فيها و لا جمل بدليل أنهم تحولوا الى حطب لمعركة بالنيابة لا حاجة لشرح آثارها المدمرة دما و مالا و علاقات اجتماعية.. بينما يحاول آخرون من نفس الثقافة السياسية ابعاد آهلنا الشيعة عن محيطهم العربي الذي يشلكون فيه أحد أهم أركانه الأربعة هوية و ولاءا وتاريخ و انتماء.ينشغل الكثير من سياسيي العراق بجدلية السفير السعودي أكثر الالاف المرات من مآسي ملايين بلا مأوى و لا غذا أو دواء أو تعليم، وكأنهم يقرون بأن تحالفاتهم الخارجية أكثر أهمية من مسؤولياتهم الداخلية، أو أن وجودهم في دائرة الضوء مرتبط بالقدرة على الدوران في فلك التجاذبات الاقليمية بمزاج طائفي غريب عن ادعاء الانتماء الوطني مرصوص البنيان ، حيث يقلبون المضاجع على وقع التجاذبات الاقليمية، فعندما تستقر علاقات الدوحة مع الرياض يتغير اتجاه البوصلة و العكس صحيح، وطالما الجبهة التركية الايرانية بين مد وجزر ينتظرون صدى المواقف الأخرى لتحديد خارطة التحرك، متناسين بضغط المصالح ما يتعرض له آهل السنة من كوارث ليل نهار على يد جماعات تغرف من بركة الفتنة العرقية و المذهبية لحسابات متشابهة… أعذروني أحبتي من الوصف الطائفي فللضرورة أحكامها!!وبالمقابل لم تكن المحصلة ايجابية في الجانب الآخر فالموقف من السفير السعودي و العلاقات الخليجية لم يقطع شعرة معاوية من المجاملة الايرانية، ما يكشف عن دوامة حكم غريبة عجيبة لا تصلح لادارة مزرعة خضراوات في منطقة نائية من صلاح الدين، بينما يتفرج الأخوة الأكراد من آعلى التل لانهم يجمعون النقيضين في العلاقة.. يوظفون ” الظلم القومي و المناكفة الطائفية و ضعف الحيلة السياسية” للحصول على تطمينات تركية أمريكية روسية أوروبية ايرانية ، ويستغلون الامتداد مع آهل السنة للحصول منهم على تزكيات في التوقيت الأصعب مرورا بالدستور و ربما انتهاءا بتزكية زيباري، مستفيدين من ارتباك في وحدة الصف العربي ما يكشف عن خلل خطير في أولويات سياسيي السنة مقابل عدم تفعيل حقيقي لثوابت الأخوة العربية بسبب تململ شيعي من الماضي، ما يعني بقاء الأمور عند نقطة الصفر طالما ظلت عراقيتنا موضع تجاذب اقليمي لا مصلحة وطنية عميقة الجذور!!
[email protected]