23 ديسمبر، 2024 4:34 ص

العراق بلد يختلف عن سائر البلدان، من الناحية التركيبية السكانية لمكوناته لاسيما ما يخص العقيدة الدينية والقومية وتوجهاته السياسية، فهو يضم مجموعة مكونات مختلفة ومتنوعة لم تكن وليدة اليوم وانما منذ القدم. 
   لا اريد التطرق هنا الى تأريخ العراق القديم، وانما ما يخص المائة عام المنصرمة “القرن الماضي” امر بها بِعُجالة، اي منذ تأسيس الدولة العراقية “العهد الملكي وما تلاه من الانظمة الى يومنا هذا ” وما جرى على هذا البلد الجريح من هموم وآلآم وويلات لم تنتهي قصصها بعد، وكانما الشقاء والهموم والاحزان قد خطت عليه بالقلم في اللوح المحفوظ. 
   المتابع للمشهد العراقي وخصوصاً ما يتعلق بالجانب السياسي، يدعو الى الحيرة والتعجب، فان مشاكل العراق او مشكلته الرئيسية ان صح التعبير تتمثل بالجانب السياسي، وفي الطبقة السياسية التي تحكمه، فاغلب الطبقات السياسية الحاكمة منذ تأسيس الدولة العراقية هي “فاسدة ومفسدة” وغير مخلصة لابناء جلدتها فالطابع عليها صُبغة العمالة للغير، الا ما رحم ربي منهم بعض الافراد المخلصين للوطن والعقيدة. وعند تصفح كابينة الزمن “بوابة التاريخ” وما تخفيها عنا، نلاحظ ان كل فترة زمنية “عقد بكامله او يزيد ” يدخل العراق وشعبه بدوامة من الاضطرابات الداخلية والحروب الخارجية. 
   العهد الملكي وما رافقه من تعقيدات منذ بداية تسنمه  الحكم على العراق،  وكان اكثر ملف معقداً فيما يتعلق بهيمنة بريطانية على العراق حتى بعد اعلان استقلال العراق عن الانتداب البريطاني في عام 1932،  حتى الى انهيار النظام الملكي في عام 1958، لم يستقر شأنه الداخلي والذي ادى في اخر المطاف انهيار النظام الملكي عن طريق الانقلاب العسكري، وهنا يطيل بنا المقام في سرد اسرار انهيار الحكم الملكي وما دور بريطانية فيه، وما ان تم اعلان الحكم الجمهوري في العراق بدات المؤامرات من الداخل والخارج لاسقاط نظام الحكم فيه ايضاً ليس عن طريق الانتخاب وصناديق الاقتراع وانما كان بطريق الاغتيال وتاجيج الشارع بطرق مختلفة، فالفترة الزمنية المحصورة ما بين، عبد الكريم قاسم الى احمد حسن البكر كانت جلها بالاغتيال والتصفية الجسدية، وما ان وصل الدكتاتور “صدام” الى سدة الحكم بدء وضع العراق الداخلي والخارجي اكثر تعقيد مما كان عليه في السابق، تمثلت بحرب ثمان سنوات ذهب ضحيتها خيرة رجال وشباب العراق من الكفاءات والطاقات، اهدار الاموال على حرب خاسرة لم يجني من ورائها الشعب المظلوم الا الاحزان وفقدان الاحبة، ولم يكتفي بذلك انما حملات التصفية التي شنها ضد المخلصين من رجال دين ووطنين الذين رفضوا حكم البعث الجائر، مما فعلوه من خراب بالعراق ومقدراته، وما ان انقضت سنوات الحرب الثمان، بدأت سنوات الحصار العُجاف، التي دفع فيها العراق ضريبة كانت ثمينة جداً، لايمكن للمرء وصف صورها المؤلمة، وكل هذا لم تنتهي قصة وطن جريح فجاء عام 2003 وانهار نظام البعث المقبور وتنفس العراقيون الصُعداء بزوال رمز الظُلم والاجرام الا اياماً معدودات، ليعود مشهد الحزن والحرمان وفقد الاهل والاحبة من جديد، فعام بعد عام احتلال ثم قاعدة ثم داعش بالاضافة الى سياسيو الصدفة وتجار المناصب الذين احرقوا البلاد ونهبو العباد، بعناوين ومسميات لم تجلب سوى الدمار والخراب.
   آهات الارامال ودموع اليتامى وآنين وطن جريح، لم تأتي اليه يداً تمسح دموعه وتصون كرامته وتحفظ عرضهُ ومقدساته، الا يد المرجعية الدينية الرشيدة ومن سار بركبها ومن لبو النداء المتمثل بنداء الوطن والعقيدة.