22 ديسمبر، 2024 8:38 م

آن الاوان للاحزاب الوطنية والقومية ان تراجع مواقفها

آن الاوان للاحزاب الوطنية والقومية ان تراجع مواقفها

بعد كل هذه السنوات المرة منذ احتلال العراق في 2003 الى اليوم وبعد ان تكشفت الاهداف الحقيقية للاحتلال التي تعمد البعض تغافلها لاسباب كثيرة لكنها جميعا تتقاطع مع ابسط المفاهيم الوطنية .. نقول بعد كل هذا اما آن للاحزاب والتيارات والشخصيات الوطنية ان تراجع مواقفها وتبحث عن سر اخفاقاتها لتشكيل جبهة وطنية وقومية واسعة تتمكن من خلالها انقاذ الوطن مما هو فيه من فساد وتخبط وضياع ؟!
وهل من حقها ان تطلب من المواطن ان يصحو من سباته في حين ان اغلبها ارتضت على نفسها ان تخون تاريخها النضالي وتضحيات قواعدها عندما قبلت بفتات ما قدمته لها الاحزاب الطائفية لتعيش على هامش العملية السياسية المحاصصاتية ؟!
لنكن صريحين فما عاد هنالك من مجال للمجاملات ونسجل هنا بموضوعية بان الاحزاب الوطنية والقومية في الوطن العربي ومنه العراق فشلت في لملمة صفوفها ومراجعة اسباب اخفاقاتها في مواجهة المد الاسلاموي البعيد عن روح الاسلام وقيمه الداعية الى الوحدة والتسامح والتضحية من اجل الوطن ، وانها ( اي الاحزاب الوطنية والقومية ) ما زالت تعيش حالات انحسار واضحة وانها فقدت الكثيرمن الوسط الجماهيري الذي احتظنها وامن باهدافها في الثلاثينات والاربعينات والخمسينات من القرن الماضي .. ولنقل بكثير من الصراحة ان احتلال العراق في 2003 وتداعياته كشف عن واقع مريرفكانت الصدمة الكبيرة والمريرة للملايين وهي تشاهد احزابا وطنية وقومية تتعامل مع المحتل وقواته الغازية تحت ذرائع واهية منها المستجدات والتحولات السياسية التي يعيشها العالم وضرورة التعامل معها بواقعية وان القوات الاميركية خلصتنا من الدكتاتورية ، وكأن المحتل الغاشم سيبني حقاً نظاماً ديمقراطياً ، وهي بهذا قفزت وتجاوزت الحد الادنى من قيم الوطنية ومباديء اليسارماركسية كانت او قومية ، فاسهمت بتوفير تزكية وغطاء لعملية سياسية ولدت ميتة سريريا بسبب طبيعتها المحاصصاتية واشتركت في عملية تضليل وخداع المواطنين !!مواقف هزت الوجدان الوطني للمواطن وهو يسمع من يصف الاحتلال بالتحرير في حين ان الامم المتحدة نفسها تعاملت معه كاحتلال .. بل انه يدافع عن المحتل ويصفق لقرارات الحاكم المدني بريمر سيئة الصيت بلا روية ولا وطنية ولا حكمة تدفعه الى هذا الموقف المعيب والمخجل احقاد وعقد شخصية . بالمقابل كانت هنالك شخصيات واحزاب وطنية وقومية حذرت من مخاطر التعامل مع المحتل واستثمرت هامش الحرية النسبية لتصدر البيانات والنشريات المعبرة عن رايها المناهض للاحتلال غير ان امكانياتها ضعيفة و انها بلا دعم مادي يمكنها من مواجهة موجة الدعوات الطائفية ومحاولات تغييب المفاهيم الوطنية والقومية ، بل انها حوربت حتى بتوفير مقرات مناسبة لها ، كما هو حال احزاب اخرى طائفية تمتعت بامتيازات ومنافع قدمها المحتل اتاح لها الاستحواذ على السلطة التي قدمها المحتل اليها في حين بقيت جميع التيارات الوطنية والقومية ضعيفة التأثير والحضورولم يشفع لبعضها مساهماتها في تحسين وجه المحتل وتبييض وجه العمالة !! ..
ويمكن القول ان قواعد الاحزاب الوطنية والقومية في الغالب كانت الاكثر وعياً عندما انتقدت قياد اتها بشجاعة ورفضت مسايرتها الاحزاب الطائفية .. كانت اصوات البعض في الرفض عالية ومنهم المناضل الشيوعي ابو هيفاء مرتضى النجارعامل النسيج و الرجل الوطني البسيط الذي جهر بصوته الوطني الواعي فاسكوته خنقا برغم مرضه وشيخوخته ! امثال ابو هيفاء كثيرون غير انهم منسيون لان ارائهم لاتروق للمرائين من ادعياء الوطنية والشعارات القومية . وجاءت انتفاضة تشرين 2019 لتؤكد مسألة مهمة هي ان الجماهير بفطرتها السليمة متقدمة بمسافات عن احزاب وتيارات وطنية وقومية وقدمت درسا بليغاً لها يبدو انها ما زالت لم تستوعبه بدليل عجزها الى الان من تبني تشكيل جبهة وطنية واسعة ..لذا فان امام هذه الاحزاب الوطنية والقومية فرصة ذهبية لتثبت للمواطن اهليتها بقيادتها من خلال اعلان نواة جبهة وطنية والا فانها ستحكم على نفسها بالضمور الذي قد يصل بها الى الموت اذا ما استمرت بانانيتها وتمسكها بعقد الماضي وعدم اعتراف كل حزب باخطائه ..
المرحلة صعبة وتحتاج الى جبهة تقود العراق الى بر الامان بتغيير واسع وجذري يعيد الاعتبار لقيم المواطنة .