آمرلي تلك القرية العراقية التي تقع في محافظة صلاح الدين والمحاذية لمدينة كركوك، قرية ذات غالبية من المكون الشيعي التركماني، محاطة من جميع الجهات بقرى سنية ترزح تحت سيطرة الدواعش.
ثلاثة أشهر وقرية آمرلي تقبع تحت الحصار، وتتعرض يومياً لهجمات الدواعش ولسقوط قذائف الهاون التي تجاوزت الألف قذيفة خلال فترة المحاصرة! سطر أهل آمرلي أروع ملاحم البطولة والصمود، أعانهم على ذلك قوات الجيش العراقي، وفصائل الحشد الشعبي.
نظراً لكونها قرية صغيرة، فإن فترة ثلاثة أشهر لفك الحصار عنها تعد فترة طويلة وتنبئ بحجم الخطر الداعشي، والفترة الزمنية التي يحتاجها قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي لتحرير بقية مدن وقرى صلاح الدين وديالى والأنبار والموصل! سيما لو علمنا أن معركة آمرلي هي معركة دفاع وأن الدواعش هم المهاجمون، ففي الواقع العسكري يكون المهاجم عادة في موقف أضعف من المدافع.
لذا فإن معركة آمرلي تكشف لنا حقيقة أن المعركة مع الإرهاب مازالت في بداياتها، وأنها سوف تطول كثيراً ربما لعدة أعوام ما لم يحدث تحرك دوليا جاد، وما لم يتم إنشاء مجالس الإسناد والصحوات بثورة عشائر وأهالي تلك المدن على تنظيم داعش الإرهابي.
لا مناص من اعتماد تلك الإستراتيجية للخلاص من الإرهاب، حيث أن ما تخطط له الحكومة من انشاء حشد شعبي رسمي تحت مسمى الحرس الوطني، قد يخلق حالة من التنافر بين المدنيين من العشائر وبين افراد ذلك الحشد، كون أن نظام الصحوات أو اللجان الشعبية ينبع من ذات المجتمع، ولا يجد افراده حرجاً في الإنضمام اليه كما في الإنضمام الى تشكيل رسمي تابع للدولة، كما أن نظام اللجان الشعبية سيكون خالٍ من البيروقراطية التي ستطغى على تشكيل الحرس الوطني، وسوف تتحرك آفة الفساد الإداري والمالي لتنخر جسد ذلك التشكيل مما يؤدي الى نتائج لا تحمد عقباها.
آمرلي قلعة الصمود ومدرسة الصبر والنصر، فمن أراد الخلاص من الإرهاب فعليه أن يحذو حذو آمرلي، فالمناطق المحتلة من قبل الإرهاب الداعشي لن تحرر الا بسواعد أبنائها وعزيمتهم النابعة من ذواتهم ومن ضمائرهم.
المعركة مع الإرهاب لن تنتهي بسهولة، والمجتمع العراقي بحاجة الى توعية وتثقيف بما يؤهله لمواجهة الصعاب في الفترة المقبلة، والتي لن تستنزف الدماء فقط وإنما سوف تستنزف المعنويات والعزيمة والصبر إن لم تحسب لها كافة الحسابات العسكرية وغير العسكرية.