23 ديسمبر، 2024 2:45 ص

آل الحكيم.. و حديث (اللي ما عدهم شغل )

آل الحكيم.. و حديث (اللي ما عدهم شغل )

يقول الملك فيصل الاول “… لا يوجد في العراق شعب عراقي بعد، بل توجد تكتلات بشرية خيالية خالية من أي فكرة وطنية … “! ربما هو نفسه كان قبليا, فلم يفلح معنا.
غابت الوطنية، في الانقلابات اللاحقة في العراق، حيث كانت تنادي بالقومية العربية، بينما الشعب يحتاج الى الايمان بوطنه قبل عروبته، و كذلك غابت الرؤية الوطنية عن الفئات الحاكمة، وانشغلت ببناء ابراج عاجية، وتصفية المعارضة.
آل الحكيم، الإمام محسن وأبناءه و أبناء عمومته النجباء، مثلوا بالتعاون مع الشخصيات الوطنية، المدنية والعشائرية، هذا الخط الوطني ، الذي حمل رؤية لبناء دولة عدالة، و دافعوا عنه، و جاهدوا لايصال صوتهم للحكام، فمن موقف الامام الحكيم، الذي رفض مقابلة الملك حتى تنفذ مطالبه الوطنية، الى سفير المرجعية، الذي كان صاحب اول رؤية لحزب إسلامي، و شهيد المحراب، الذي قض مضجع الطاغية الهدام، فقاد انتفاضات كادت تطيح بالحكم، لولا الدعم الخارجي الذي رجح كفة القوة لجهة الظالم، فلم تثن هذه الكبوة، عزيمته، بل استمرت المقاومة من جهة، و أسس المعارضة السياسية من جهة اخرى، كي يقنع المجتمع الدولي، بشرعية مطالبه.
عاد الى وطنه، منتصراً للحق والمظلومين، وعلى الرغم من استقباله الحافل، لم يستغل هذا الوهج ، في تنصيب نفسه زعيم جديد للعراق، بل أكد على إتِّباعه للمرجعية، وانه يقبِّل أيادي المراجع جميعاً، بل وأيادي جميع العراقيين، فزاده ذلك محبة في قلوب العراقيين.
ظن مرضى النفوس، ان الحكاية ستنتهي بمقتله، وكأنها مرتبطة به وحده، ولَم يفهموا انها لم تنتهي باستشهاد اسلافه، حتى تنتهي بعده، فعمدوا الى اغتياله، فلاقى ربه مخلفاً مشروعاً متكاملاً، لخير خلف، عزيز العراق، الذي أسس (تيار شهيد المحراب)، وكانت له رؤى في بناء الدولة، لعل اغلبها لم تظهر أهميتها الا هذه الايام.
لم ينجُ عزيز العراق من الغدر، فلاقى ربه محتسباً شاهداً على ظلام النفوس، مسلماً الراية، لأمل العراق، السيد عمار الحكيم، راية التجديد، دون التنازل عن الثوابت، و أكد على الانفتاح على الآخر، بالبحث عن النقاط المشتركة، فأسس أول تيار وطني، يُؤْمِن بوطن متعدد الألوان، للجميع فيه حقوق وواجبات، فانبثق (تيار الحكمة الوطني).
طوال هذه الفترة، هناك جهات من المفترض، أنها تدين لآل الحكيم بتصدرها للساحة العراقية، بل قد تدين لهم بحياتها، نجدها تحاول تشويه سمعة العائلة الشريفة، فمن الامام الحكيم، الذي لاقى الاساءة من جهات، حماها من التصفية في يوم ما، مروراً بسفير المرجعية، الذي لم يدافع عنه احد عندما اتُهم بالجاسوسية؛ وشهيد المحراب، الذي لم ينل غير التسقيط ثم الاغتيال؛ وعزيز العراق، الذي كان جزاءه الاتهامات الباطلة، وصولاً -وليس انتهاءً- لأمل العراق، الذي سُقط وحورب من الاحزاب، التي كان ومازال ملاذها وقت الأزمات؛ وكما لم يضعف اسلافه، لن يتنازل هو عن طريق الحق، ولن تثنيه اشاعات التسقيط.
بناء دولة مؤسسات من الحطام، يحتاج رؤية واضحة، و أيدٍ كادحة، وقلوب تصنع مجد اليوم، من خيبة البارحة، و آل الحكيم لهم في كل ذلك عيون ناضحة.