الشرَف، قِمتهُ العُظمى فوقَ تِلاله، أنْ تُعطي مِن روحكَ روحاً، للوطنِ وشَعبهِ ومَصيره، لِمستقبلٍ لاحَ في أفقٍ غادرتها روحك، قِمة الشَرف هو أن تُقدم لوطنك عَزيز، بينَ ذراعيه تُغادر الحَياة روحٌ أحببتها، فيما تَصرخ أنت، سأبذل المَزيد..
العِراق، حُروفه وتأريخه الحديث، يَمتزج معَ الأُسرة بالضبط كما يتجانس الدم مع التُراب، في صُبغة وطن لآل الحكيم لون، في تأريخهم تَجد عِراق، دين سيد مُحسن ودم أبناءه الشُهداء، يُسطران حرفٍ بعدَ حرف، العِراق لَن يَموت..
سنوات من النَزيف الأسود، حُقدٌ أعمى لا يرى سوى الظلام، بقُبحِ كلام و جرمية عَمل، بينَ رصاصة بعثي وقلم عَبثي، سالَ نَزيف اللؤم وال (أنا) الضيقة المريضة، المتورطة برأسٍ خاليٍ حتى مِن هواء الرب، لا ربَّ لناكرٍ جاحِد، لا دينٌ لناقمٍ حاقد، لا إنسانية لِهواة العُبودية..
لَحظةٌ بِلحظة، التأريخُ يُعيد نَفسه، والنَزيف يجري في عُروق أشباه البَشر، تلكَ اللحظة التي خانَ محمد مهدي الحكيم وطنه، باعَ دِينه لِدُنياه، هَكذا قالوا، كَتبوا، نَفذوا الإغتيال،، حتى السودان غَيرِ الشَقيقة، شاهدٌ على ذُريةٌ بَعضها مِن بعض.
عَشرات وربما أقل، مَن وقفَ أمام بيت زعيم الطائفة، لَحظة مداهمة حزب البعث البيت بحثاً عن العَميل، عَميل لِمن؟! لا نَعرف، ثُم إن كانَ نِظام البعث يَعتبره عَميلاً وهو نِظام فاجر، لِماذا لا نُريد أن نصدق أنه عميل للرب، لتعاليمه و إرادته، لإسلامٍ أُريد لهُ أن يكون دين الأنبياء، هذا هو مَهدي الحكيم، سَفيرُ المرجعية التي حَفظت الكُرد مِنَ القتل، وأبعدت المسلمين عَن الشيوعية، بالمُرسِل تعرَف على الرَسول!
ساعةٌ بساعة، المُجتمع يدور حولَ كعبة الفِكر الأسوء، أباءٌ هناك أبناءٌ هُنا، بيتُ السيد مُحسن وبيتُ السيد باقِر، أبشع التُهم أقبح الأقوال، والنزيفُ يَجري ويَجري، دِماءُ طاهرات لِشهيد المِحراب، عِندَ عِتبة مَرقد الأمير علي (عَليهِ السلام)، وعندَ العتبة ذاتها، كَتبَ الف أبو هُريرة حَديث زور.
غَصةُ أقاليم عبد العزيز الحَكيم، مرارتها لا زالت تلسع أفواه المؤمنين، كيف نَبيعُ الوطن ونقسمه؟! دارَت الأرض أربعينَ عاماً، أنجَبَت أربعمائة مُعاوية، كاتب الوحي هُناك، كَتب الأخبار هُنا، هُنا وهناكَ ظُلمَ علي (عليهِ السلام)، بِشخصه أو بحفيده.
ماذا نَنتظِر؟! وهُم ماذا يَنتظرون؟! لماذا لا يُشكلون الأقاليم؟! كُل الشعب معَ الإقليم، حتى وإن كانَ طائفياً بأمتياز، لكن بعدَ ماذا؟، بَعدَ أحَد عشَرَ عاماً على تَصريحِ السيد!
سَبعون عاماً؛ والأُسرة تَنزف دِماءٌ طاهرة، سَليلة الإمام الحَسن (عليه السلام)، سَليلة الموقف والفتوى والجِهاد، ومِثلهنَ سَبعين، يَنزفُ الحِبر الأسود مُعبِراً عَن سواد القلوب والوجوه، مَن قَتلَ السيد مهدي الحَكيم أثِم، مَن نَكرَ جِهاده أثِم أبنُ أثِم.
الدارُ نفسه، ذاتَ الدَم، الحِكمة والتأريخ والموقف الصريح، دفاعٌ عَن منطق الإعتدال، العِمة ذاتها، الشجاعة نَفسها، بدر بسرايا عاشوراء والعقيدة والمُنتظر، خَلاصنا مِن صدام وخلاصنا مِن شبيهه، ونزيف الحِبر الأسود يَكتب، فلاحٌ وصلاح وأنور وكفاح، نَفسهم قَتلة السيد محمد مهدي، مِثلهم مَن فجّر محمد باقِر، أولئك الذينَ أساءوا لبقيتهم سيد عَمار..
ما بالكَ تَعجب، طولاً وعُرضاً، عمودياً وأفقياً، لا تُوجد في العِراق أُسرة قَدمت شُهداء مِثل آل الحكيم، باججي برزاني جلبي، كل هذه الأُسر لَم تفعل مافعلوه آل الحكيم، أكتفينا بِذكرهم، لأنَ الأخرين جميعاً، لا يُشكلون عُشر تأريخ آل الحكيم..