قد يتصور البعض بأننا نتحدث عن ظهور دين جديد وقد تعمل حواس الاجتهاد لدى البعض الآخر من الذين يحكمون على الظن والتهمة ويصدرون أحكامهم الشرعية على المسميات ويكفرون الألفاظ بما يستوعبه تفكيرهم وفهمهم لما وراء الكلمات وليس بمستغرب لما نقول حيث أن ساحتنا الجديدة تزخر اليوم بالعديد لمثل هؤلاء الذين يتصورون بأنهم قد نالوا تفويضا مطلقا من الله سبحانه وتعالى في إزهاق العديد من حياة الأبرياء لمجرد اختلاف الآراء0
فالحديث عن الإلوهية والتعبد في الميدان السياسي قطعا سوف لا يخرجنا عن توحيد ولا يدخلنا في شرك مادام هناك في المقابل فكر معتدل وعقيدة مستنيرة لهضم مفهوم كل ما يقال وما يطرح فخلافا لما تتضمنه مقولة (أن الاختلاف في الرأي لا يفسد في الود قضية) نجد أن الاختلاف في الرأي السياسي قد أوصل القضية الى حد التعفن وذلك ليس لوجود خلل في مضمون المقولة وإنما لوجود آلهة في ذلك الميدان لا يجوز الخروج عن آرائهم حسب معتقد الكتل السياسية0
الى ذلك كانت الطاعة العمياء التي يتضمنها مفهوم العبودية لغير الباري عز وجل قد فعلت فعلها في التعبد والتقيد بكل ما يقوله (رؤساء الكتل) انطلاقا من مبدأ رد المعروف لمن يملك مفاتيح أبواب الامتيازات والمغانم فانسحب ذلك على جميع الميادين والأصعدة فأصاب التبغبغ أغلب البرلمانيين الذين ينتظرون عبر هواتفهم النقالة ما يمليه عليهم رؤساء كتلهم أثناء عملية التصويت على أغلب القوانين والتشريعات حسبما سمعناه من بعض أعضاء البرلمان في إحدى معارك التراشق السياسي والتي كانت هي أيضا من نتائج تلك العبودية بل الأدهى من ذلك أن تلك الطاعة ومبدأ رد المعروف لم يقتصرا فقط على أصحاب المناصب الرفيعة بل أصابت تلك العدوى صغار الموظفين فأصبحت عملية التحسس في أوجها لديهم أثناء تأديتهم لواجباتهم في قضاء حاجات المواطنين كما أصبح مؤشر المزاجية لديهم يرتفع وينخفض بحسب ولاءاتهم لأحزابهم وكتلهم التي ضحت بمبدأ نظرية (الرجل المناسب في المكان المناسب) فكانوا هم ثمرة تلك التضحية وتجلى ذلك في أبهى صوره في اختيار بعض مستشاري المحافظين (المفروضين) عليهم لاسيما غير الحاصلين على شهادات تؤهلهم لتلك المناصب فأخذ مفعول ذلك الولاء يسري في جسد التهميشات والضوابط00 فقد تطبق عليك كل القوانين والتعليمات إذا كنت مخالفا في الانتماء وقد تتمتع بكل امتيازات الاستثناء إذا كنت000