-1-
يُخطأ من يعتقد أنَّ الجشع مما يتسم به ، الفقراء البائسون خاصة،
إنّ الجشع يلازم أهل البطر في معظم الاحوال، ومَثَلُهُم مَثَلُ جهنم حين يقال لها:
هل امتلأتِ ؟ فتقول : هل من مزيد ..!!
-2-
وتذكر بعض كتب الأدب طريفة تصوّر الجشع أحسنَ تصوير :
” قال رجل لآخر :
بكم تبيعُ الشاة ؟
قال :
أخذتُها بستة ،
وهي خيرٌ من سبعة ،
وقد أعطيتُ بها ثمانية ،
فان كانت من حاجتك بتسعة ،
فاعطني عشرة “
أرأيت كيف يكون الجَشِعُ غريبَ الأطوار ،
رهيبَ المسار ؟!
-3-
وسياسيّو الصدفة في العراق الجديد هم أبرز رموز الجشع الذميم، والبعد عن الصراط المستقيم .
انهم رغم ضخامة رواتبهم ومخصصاتهم ، يواصلون عمليات الابتزاز ، والاقتناص للمال العام بشتى الحيل والأساليب .
-4-
يقول أحد ممثلي الشعب العراقي في مجلس النواب :
انّ بعض الحكومات المحليّة (مجالس المحافظات) تفرض على المستثمرين نسبة لا تقل عن10 % لابُدَّ أنْ تدفع اليها على كل حال، وإلاّ فلن يحصل المستثمر على الموافقات المطلوبة .
-5-
ويقول آخر :
إنّ قاعة من قاعات مجلس النواب ليست بذات مساحة واسعة – بلغت كلفةُ إصلاحها (9) مليارات ..!!
ويقول أيضا :
ان هناك (12) مليار يجري البحث عنها من قبل هيئة رئاسة مجلس النواب حاليا حيث لا يُدرى أين هي ؟!
وقد نزّه هذا النائب هيئةَ الرئاسة الحالية عن ان تكون لها يد في كلّ ما ذكر من مؤاخذات .
-6-
ويقول وزير الدفاع د. خالد العبيدي :
انّ خسائر العراق من احتلال داعش للموصل بلغت (27) مليار دولار .
أقول :
ان القادة العسكريين في الموصل بسبب جشعهم لم يكن يهمهم حضور الأفراد بمقدار ما كانوا معنيين بقبض حصصهم من رواتبهم ..
-7-
ويقدّر مسؤول كبير في الحكومة العراقية حجم المنهوب من المال العام بـ (1000) مليار دولار …
واذا لم نسمِّ ذلك بالجشع فبم نسميه ؟!
-8-
يدور الحديث الأن في المحافل السياسية والاعلامية عن نية رئيس مجلس الوزراء تعيين رئيس جديد (لهيئة النزاهة) ،وهو أمر في غاية الأهمية، لما ينتظر الرئيس الجديد لهذه (الهيئة) من مهام كبرى تقف في طليعتها محاسبةُ المفسدين الكبار، وانتزاع المال العام منهم ، وتلقينهم أقسى الدروس جرّاء الولوغ بمستنقعات الخيانة أو الهدر والتفريط بالمال العام .
إنّ المهمة شاقة صعبة – دون اي شك – ولكنها ضرورية لا مندوحة عنها بحال من الاحوال .
إنّ من اعظم المفارقات أنْ تبلغ منهوبات أهل الجشع مئات المليارات، وثلث العراقيين تحت خط الفقر ، والملايين منهم يفترشون الأرض ويلتحفون السماء ، بعد أنْ نزحوا عن ديارهم وفقدوا أعمالهم وأثقلتهم شتى الأعباء .