23 ديسمبر، 2024 1:48 ص

آفات إجتماعية قاتلة (43)

آفات إجتماعية قاتلة (43)

”حجاب المرأة”والتوقيتات والمواقف والمصطلحات المجتمعية المسرحية !
عندما خلعت النسوة المتظاهرات ضد الاحتلال الانجليزي لمصر بقيادة هدى شعراوي وصفية زغلول ، في ميدان الاسماعيلية والذي سمي بميدان التحرير من يومها عام 1919حجابهن وألقينه على الارض وقمنَّ بإحراقه علنا لأول مرة منذ قرون طويلة، وقف المصريون في حالة ذهول بين تأييد التظاهرة النسوية الحاشدة الشجاعة ضد الاحتلال المقيت والفرح الغامر بها من جهة ، وبين رفض خلع الحجاب وهو مثال العفة والطهارة والأخلاق والعرف والتقاليد الحسنة آنذاك والحزن لأجله من جهة أخرى ، وكثير منهم ربط بين “التحرر والتحرير” بمعنى ( هل تريد تحرير ارضك ؟ تحرر اذن من تقاليدك ومثلك واخلاقك ودينك قبلها !!) منذ ذلك اليوم ..وارجو التنبه هنا الى أهمية التوقيتات والمواقف التي نذهل عنها على الدوام ، فلكي تخلع المرأة حجابها علنا وتتمرد على التعاليم الدينية والتقاليد والأعراف ولتشجيع بقية النسوة على فعل ذلك من دون إعتراض يذكر، ولمنح الرجال ( الاباء،الأشقاء،الأزواج ،الأعمام ،الأخوال ،الأبناء ) فرصة لصياغة أفكارهم وتغيير قناعاتهم بشأن ذلك من جديد ،ولكي تبرأ ساحة – المستدمر – الانجليزي الغاشم والذي أشيع طويلا – وهو كذلك بالفعل – بأنه ما جاء الا ليغير من ثقافة المجتمع ويمحو أخلاقه ويمزق روابطه وتراثه ويستولي على أرضه وخيراته ويبيح للمرأة ما لم يبح لها سابقا ويخلع عنها حجابها وعفتها وأن كل من يفعل ذلك ويستجيب من النساء والرجال فهو ولاشك عميل للانجليز وسائر في ركابهم ..ولغرض قلب الموازين وخلط الأوراق أنذاك وتعتيم المفاهيم ومزج الألوان ،ألفت فصول المسرحية من المشهد الأول وحتى الأخير بناء على ذلك لتبدوعلى النقيض من أهدافها الحقيقية غير المعلنة وعلى خلاف أغراضها الدنيئة المستترة كليا وبإتجاه معكوس على غير ما كان يفكر به المصريون والعرب والمسلمون تماما ، حيث أظهرت المسرحية ” الشعراوية – الزغلولية ” أن خالعات الحجاب وحارقاته علنا هنَّ الوطنيات وعدوات الانجليز الاصيلات ولسن من السائرات في ركابه أبدا ،هن المثقفات الواعيات ومن سواهن مجرد أميات وجاهلات ،هن المتحررات الرائدات وما خلاهن عبدات ذليلات ،هن السائرات بركب الحرية والتحرر ، أما المتلحفات بالحجاب والنقاب فهن العميلات المذعنات للاستدمار والاستحمار واقعا ..وأظهرت المسرحية أن من يسعى لإخراج الانجليز وتحرير أرضه وصون عرضه لابد له أولا أن يحرر المرأة – نصف المجتمع – من حجابها ونقابها قبل ذلك خلال مسيرة – النضال ، الكفاح – وبقية المسيمات الهزيلة التي حاولت اللف والدوران كحمار الترعة حول الحقيقة برمتها من دون ان تصل اليها قط !
ماجرى ويجري في العالم العربي ومنها العراق صور رمادية لبعض ما جرى في ميدان الاسماعيلية عام 1919 وإلا قلي بربك ما علاقة التهكم من الدين وتعاليمه الخالدة ليل نهار على مواقع التواصل ، بثورة جماهيرية حاشدة ضد الفساد والفاسدين في العراق ؟ هل الدين يدعو الى السرقة أم أن ادعياءه من بعض الحزبيين والمتحزبين – الكلاوجية – من يفعل ذلك ؟ هل الدين يدعو الى الظلم الاجتماعي وغياب العدالة الاجتماعية ، أم أن بعض – الهتلية – المتلحفين بأرديته هم من يفعل ذلك ؟ هل الدين من يدعو الى الرشوة ، الربا ، المخدرات ، الخمور ، القمار ، السرقة ، الاختلاس ، المحسوبية والمنسوبية ، قطع الطريق ،التزوير ، الغش ، الخداع ، السطو المسلح ، ترهيب الناس في طرقاتهم واسواقهم ومدارسهم وجامعاتهم ،أم أن بعض سياسيي الصدفة – السرسرية – المرتدين لزيه زورا والمتمظهرين بمظهره بهتانا هم من يفعل ذلك ؟ هل الدين يدعو الى الرذائل وغمط حقوق الناس ونهب الثروات وسرقة الخيرات وتهريب الاثار والتحالف مع المستدمرين والمحتكرين ..أم أن بعض أولئك – الحنقبازية – المتحزبة الذين يتحدثون بإسمه كذبا للضحك على ذقون العوام طمعا بأصواتهم المبحوحة ، وأصابعهم البنفسجية المجروحة هم من يفعل ذلك ؟ وأقولها وبصراحة متناهية إن “الاصرار العجيب على إهانة الدين ورموزه في الساحات والميادين ومحاولة إقحامه في غير شرع له هي صورة طبق الاصل مقتبسة عن مسرحية – خلع الحجاب – في ميدان التحرير ايام الاستعمار الانجليزي في مصر ،وغايتها أظهار الدين الحنيف على أنه صنو الفساد والافساد والفاسدين والمفسدين والوجه الآخر لعملته ،وان الانتفاضة ضده هي الخطوة الاولى في طريق الالف ميل للقضاء على الفساد في الارض ،وان كل من يقف مع الدين ويدافع عنه انما يدافع عن اولئك المتحزبين – المتبرقعين باللباس الديني – بمعنى “اخلع دينك وتمرد ..تنصر قضيتك وتحصل على حقوقك ” واحذر أيما تحذير من هذه المسرحية المشبوهة والدعوات المضللة ومن تلكم الرسائل المخادعة ، وان كان في من يدعون ذلك شجاع واحد فليسمي الفاسدين المتبرقعين بلباس الدين بإسمائهم بدلا من التعميم ، والتعميم تعتيم كما تعلمون ..اتحداهم كلهم ..لن يجرؤ ولا – تيتي نحباني للو واحد منهم – على فعل ذلك ..فلاتتحدوا الدين بذريعة مكافحة الفساد ..الدين العظيم هو الاساس في العدالة الاجتماعية ونبذ الاثام والموبقات والكبائر ومحاربة الفسق والفجور والفساد والخطايا كلها، والرجال هم من يعرفون بالحق ولايعرف الحق بالرجال ، فلاتخلطوا حابلا بنابل لعدم قدرتكم على تسمية السراق بعناوينهم ولامسمياتهم علنا ..أو لشعوركم بذنب كبير بات يؤرق ليلكم ويذل نهاركم ناجم عن إحساسكم بعقدة ذنب كبيرة متمخضة عن خطأكم الفادح والمتكرر بإنتخابكم فاسدين مفضوحين ومكشوفين على لسانهم ولسان خصومهم طيلة 17 عاما بعد ان ضحكوا عليكم ببطانيات أم النمر وصوبات فوجيكا – تقليد – وكارتات آسيا سيل وعراقنا أو ببعض الطقوس واللبوس والمظاهر الخداعة التي لاتنطلي على احد الا على من يريد هو بشحمه ولحمه ان تنطلي عليه ، واشدد على ان الدين هو اساس الصلاح والاصلاح والفضيلة وأي حديث بخلاف ذلك فسوق ورذيلة ، نعم تظاهر سلميا وقانونيا واخلاقيا وانسانيا وحضاريا ودستوريا للمطالبة بحقوقك المشروعة كاملة وووولكن من غير تجاوزعلى الدين ولاتعاليمه ولا رموزه بأي صورة من الصور،وبأي شكل من الأشكال البتة !
والآن وبالعودة على بدء والى حجاب المرأة المسلمة ،أقول عندما خلعت وفي توقيتات متقاربة جدا ومريبة جدا كل من حلا شيحا ، سهير رمزي ،شهيرة ،صابرين ،المطربة السابقة حنان ،الممثلة شاهيناز ،الفنانة موناليزا،سبقهنَّ الى ذلك بعض الممثلات اللائي كن قد تحجبنَّ إما لخوف من مرض عارض ألم بهنَّ ،أو نزولا عند رغبة زوج في زيجة مصالح فاشلة لم تدم طويلا ،أو لنازلة نزلت بساحتهن َّ دفعتهنَّ للبس الحجاب بوجودها ومن ثم خلعه بزوالها ،وربما لقناعات شخصية أو إيمانية ما لبثت أن تبخرت كلها طمعا بالعودة الى الشهرة والأضواء التي إنحسرت عنهنَّ بعد ارتداء الحجاب مجددا،أو نتيجة لضعف شديد أمام إغراءات العروض التلفزيونية والسينمائية المالية والمعنوية الكبيرة ،وربما لتهديدات سياسية وضغوطات أمنية أو لردات فعل مجتمعية من خلف الكواليس لم يفصحن َّعنها بالتزامن مع دعوات مشبوهة لخلع الحجاب من بعض الكتاب والادباء والاعلاميين ،فيما حافظت البقية الباقية منهن على حجابهن وتوارين عن الانظار كليا ، أقول إنهن عندما فعلن ذلك طوعا أو كرها إنما خلعن – غطاء الرأس فقط وليس الحجاب في واقع الحال – لأن جلهن لم يكن محجبات أصلا بالمعني اللغوي والإصطلاحي الشرعي للحجاب وكن يظهرن ونصف شعورهن المصبوغة بادية للعيان على موضة “بنازير بوتو” والتي مالبثت أن اقتبست إيرانيا وخليجيا وآسيويا بكثرة فيما بعد ،وهن بكامل زينتهن من مكياج واكسسوارات وعدسات ملونة ورموش صناعية وصبغ آظافر وتاتو ولباس – محزق وملزق – يثير الفتن والشهوات، ولطالما اكدت على ذلك – سهير رمزي – وفي أكثر من مقابلة صحفية ولقاء متلفز معها، مشيرة الى ،أنها ليست محجبة وإنما محتشمة،ذاك أن الحجاب صار بعرف الناس القبيح – مجرد غطاء تضعه المرأة على رأسها وإن بدت جميع مفاتنها للقاصي والداني بعد ذلك – وصار المقياس للبس أو خلع الحجاب محصورا بغطاء الرأس لا أكثر ،وهنا الطامة الكبرى لأن الحجاب الشرعي يجب أن يرتبط بالتقوى والفضيلة وحسن الخلق أولا وآخرا ،اذ لاعبرة بتهتك وسوء خلق امرأة لعوب ترتدي حجابا كاملا لتغطي على تهتكها ولتصرف انظار الناس عن عيوبها فلباسها هنا ليس حجابا وإنما فخا وشراكا لإيقاع المغفلين في حبائلها لا أكثر وعلى الناس أن لايحملوا الحجاب الشرعي تبعات تلاعب بعض النساء المستهترات بمضمونه وغاياته وأبعاده ،كما أن لاعبرة بغطاء رأس فحسب لإمرأة إرتدت معه كل ما عداه على الموضة الحديثة بكل ما تحمله تلكم الموضة من غثاء بزعم أنه حجاب شرعي يسترعورتها ويصون عفتها وما هو كذلك بالمرة ، ويتوجب أن يغطي الحجاب الشرعي كامل جسد المرأة وان يكون ضابطا لإيقاع تصرفاتها وحركاتها وسكناتها جميعها وفي كل زمان مكان ، وأن لايصف ولا يشف وليس مزركشا ولا مزخرفا ولاضيقا ولامعطرا،وإن يكون واسعا وفضفاضا بألوان غامقة أو معتدلة وليست صارخة تلفت الانظار اليها وأن لايشبه لباس حجاب الطوائف الدينية الأخرى،أما أن ترتدي المرأة غطاء رأس وتلبس ماعداه من بناطيل الجينز الستريج الضيقة والبدي الضيق والكعب العالي فهذا لعمري غطاء رأس أشبه بإيشارب الاوربيات في الخمسينات والستينات من القرن الماضي ممن كانت نجمات هوليوود يتسابقن للبسه في عشرات الأدوار السينمائية حينئذ ، والمطلوب حاليا هو إعادة تقييم وتعريف المصطلحات والتمعن في التوقيتات والمواقف السياسية والمجتمعية – المسرحية – التي تقف خلف ذلك كله كذلك !اودعناكم اغاتي