23 ديسمبر، 2024 10:06 ص

آفات إجتماعية قاتلة ..(3) هل رآى التأريخ سكارى بين خمر ابي نؤاس وكبتاغون هتلر مثلنا ؟!

آفات إجتماعية قاتلة ..(3) هل رآى التأريخ سكارى بين خمر ابي نؤاس وكبتاغون هتلر مثلنا ؟!

أغرب ما في كارثة الإدمان الدوائي والكحولي عراقيا هي تلك الحرب الضروس القائمة على قدم وساق بين تجار الخمور- من جماعة ابي نؤاس – من جهة وبين تجار المخدرات وعلى رأسها الكرستال والكبتاغون الشهير بحبة “صفر – واحد ” الذي اكتشفه اليابانيون وطوره هتلر كمنشط لجنوده في الحرب العالمية الثانية من جهة أخرى ، الطرفان كلاهما يرتبطان بجهات نافذة لتحقيق أعلى قدر من اﻷرباح المليارية على حساب الضرورات الخمس التي أوجب الدين الحنبف حفظها من كل عابث ” حفظ العقل ، النفس ، الدين ، المال ، العرض ” ولعل تدمير الضرورات الخمس وما يتربتب عليها من آثام لاتحصى مبتغاهما إضافة الى الارباح الفلكية ، ويحاول كل منهما قدر المستطاع كبح جماح اﻵخر وتحجيم تجارته بوسائل شتى بضمنها محاولة استصدار قوانين للحد منها والتضييق عليها ، فكانت الطامة الكبرى هي ولادة فريقين ” فريق ابو نؤاسي “يتغنى بالخمر ويدافع عنها وينكر تحريمها ويشكك فيه ويقلل من شأن أضرارها التي حذرت منظمة الصحة العالمية بجلالة قدرها منها ، وفريق ” كبتاغوني ، ترياقي ، كرستالي ، ثنري ، اسيتوني ، امفيتاميني ، حشيشي ، هيروييني ، كوكاييني ، ماريجواني “يحاول منع الخمور واغلاق الخمارات، بعضهم ليس ورعا بقدر الترويج للمخدرات بشتى الطرق والوسائل كما اشار الى ذلك النائب فائق الشيخ علي بمؤتمر صحفي وعلى الهواء مباشرة ، وكلا الفريقين يرقص ويغني على جراحات عوائلنا وبقايا عقول شبابنا ممن اهلكتهم الخمور والمخدرات ومزقتهما أي ممزق : ” هل رأى الحب سكارى مثلنا ؟ !” .
وأضيف وبالتزامن مع هلاك أخطر تاجر مخدرات في العالم ” فرانك لوكاس” الذي تحولت سيرته الاجرامية الى فيلم سينمائي من بطولة دينزل واشنطن، وكيف انه كان يهرب الهيرويين الخام بتوابيت قتلى القوات الاميركية في فيتنام ، انه لم يعد مهما أن يكون مصدر المخدرات الارجنتين وكارتلات أميركا الجنوبية كما أشار الى ذلك رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي في مؤتمره الصحفي الاسبوعي ، أو أن يكون مصدرها وبنسبة 70 % ايران كما اعلن ذلك في وقت سابق قائد شرطة البصرة ، أو أن يكون مصدرها مزارع الخشخاش، التي عثر عليها قريبًا من بعض القواعد العسكرية الأمريكية بعد إخلائها عام 2011 شمالي العاصمة بغداد ، فيما عثر على مزارع مماثلة بين محاصيل قصب السكر والذرة جنوبي العراق،لطالما تناحرت بعض العشائر على عائداتها بين حين وآخر بمختلف انواع الاسلحة ، المهم في اﻷمر والذي بات يستدعي تظافر الجهود الحثيثة كافة وعلى اعلى المستويات هو أن المخدرات اضحت اﻵفة رقم واحد التي تنخر نسيج المجتمع العراقي برمته وتزعزع أركانه وتفتك بشبابنا فتكا مريعا فاق جميع التوقعات بعد أن لم يكن لها وجود يذكر في العراق قبل 2003 ، واﻵخر هو تحول العراق الى معبر لهذه المخدرات شمالا الى تركيا فأوربا ، و جنوبا الى دول الخليج العربي ، ومعلوم أن كل دولة تصبح ممرا للمخدرات يدمن 10 % من ابنائها عليها ، اضافة الى تحول العراق الى مصنع لبعض أنواعها وأبرزها الكرستال القاتل ، وتحوله الى زارع ﻷنواع أخرى منها ولو بدرجة أقل كبديل عن زراعة المحاصيل الستراتيجية والتي أصبحت في خبر كان لغياب الدعم الحكومي وإرتفاع أسعار وقود المضخات والمعدات الزراعية ، وأسعار المبيدات الحشرية واﻷسمدة الكيميائية والبيوت البلاستيكية المخصصة للاستزراع الشتوي ، وملوحة اﻷراضي والتصحر ونقص المياه ، فضلا عن التدمير المبرمج للاراضي الزراعية والبساتين عبر تجريفها لتحويل جنسها الى سكني بدلا من زراعي ، وحرق البساتين و المحاصيل المتعمد وتبادل الاتهامات بشأن ذلك ، وفتح اﻷبواب على مصاريعها أمام المستورد الاجنبي الذي أصاب المنتج المحلي بمقتل وانتشار الامراض والاوبئة الغريبة بين الحقول بالتزامن مع الروزنامة الزراعية المحلية لصالح المستورد اﻷجنبي المسرطن و المعامل جينيا ، كلها عوامل دفعت بعض ضعاف النفوس من المزارعين الى زراعة أنواع من المخدرات المقاومة بطبيعتها لجميع الافات والظروف البيئية والتي لاتحتاج الى الرعاية والعناية والسقي كسابقاتها علاوة على الارباح الطائلة التي تحققها برغم التدمير الذي تحدثه وعلى مختلف الصعد!
قبل أيام خلت أصبنا بصدمة لم نستفق منها بعد على إثر الكشف عن زراعة – شقائق النعمان – التي تدخل في تصنيع المخدرات في الجزرات الوسطية في بغداد ﻷغراض الزينة ، ما أثار ضجة لم نهدأ بعد كونها تباع في منطقة السنك أولا ، وﻷن أمانة بغداد لاتعلم بذلك ثانيا ، تلاها إعلان شرطة الشامية عن تمكنها من إحباط محاولة لإدخال كمية كبيرة من الحبوب المخدرة تقدر بأكثر من ( ١٥٦٩٣ حبة) وبأنواع مختلفة إلى مركز محافظة الديوانية ، وقبلها صعقنا بشاب عراقي أدمن المخدرات فأصيب بمرض نفسي حاد من جراء ذلك ما دفعه الى قتل والدته في اربيل .. الكهل المصري ، محمود نظمى، يقتل طفليه “محمد وريان”، نتيجة تعاطى المواد المخدرة وابرزها الحشيش والبانغو ..شاب سعودي يدعى زيد بن مطلق بن جمل العتيبي أقدم بتأثير الخمر والحبوب المخدرة على قتل والده بـ”عكاز حديدي” وضربه لمرات عدة في اماكن متفرقة من جسده ما ادى الى وفاته متأثرا بجروحه في الرياض .. عصابة تتاجر بالمخدرات وابرزها الكرستال في قضاء طوز خورماتو شمالي العراق لجأت لممارسة عملها في ترويج المخدارت بين المدمنين الى تزوير اختام وهويات وباجات مختلفة لعبور السيطرات والفرار من قبضة الاجهزة الامنية ..أب أقدم على قتل أولاده الثلاثة بسلاحه الشخصي وإصاب الرابع بجروح، بتأثير المسكرات في ناحية بني سعد في محافظة ديالى ..شاب يقتل والده البالغ من العمر 61 عاما وشقيقته البالغة من العمر 22 سنة وإحراق منزلهم بمدينة الناصرية جنوبي العراق بعد تناوله عدة حبات مخدرة بجلسة سكر وعربدة ..اب وام يقتلان طفلهما البالغ من العمر سنتين ويرميان جثته بمدينة التل بريف دمشق بعد تعاطيهما كميات كبيرة من المخدرات ..تقرير مصري يؤكد ان 79 % من جرائم القتل والسرقة بالاكراه والاغتصاب في عموم مصر سببها المخدرات على حد وصف مدير صندوق مكافحة الإدمان والتعاطى الدكتور عمرو عثمان، ، فيما اشار خبراء الى أن 95 % من جرائم الاغتصاب والقتل سببها المسكرات والمخدرات ، ناهيك عن الحوادث المرورية المروعة التي يذهب ضحيتها الالاف اضافة الى الامراض المستعصية السايكولوجية والفسيولوجية الناجمة عنهما وقلة الانتاج ، الكسل ،الخمول ، البطالة ، الرسوب ، عقوق الوالدين ، قطيعة الارحام ،ترويع اﻵمنين ، زد على ذلك حجم الجهود والاموال الهائلة المبذولة لملاحقة المتعاطين والمتاجرين والمروجين علاوة على علاجهم وإعادة تأهيلهم ثانية بعد رحلة إدمان مروعة لأسباب عدة لعل أصدقاء ورفقاء السوء في مقدمتها !
ولا شك أن البطالة تلعب دورًا مهمًا في هذا المجال،ما يجعل المتعاطي يهرب من واقعه الاجتماعي والاقتصادي المرير إلى الإدمان، فضلًا عن تأثير وسائل الإعلام المشبوهة في الترويج لهذه الظاهرة والضغوطات النفسية والشعور بالملل، والفراغ وعدم القدرة على مجاراة الواقع وتلبية الحاجات ، وقلة الكفاءة وحب المجازفة وغياب الوازع الديني، والتفكك الأسري، فكلها عوامل تدفع باتجاه الإدمان الكحولي والدوائي وإلى تعاطي المخدرات بأنواعها وبالأخص حبوب الكبسلة ولا نغفل أصدقاء السوء والمروجين ، فلهؤلاء الدور الأكبر في جر أصحابهم إلى هاوية المخدرات السحيقة.
واﻷعجب ان ﻻ مراكز – مال آوادم – لتأهيل المدمنين بما يتناسب وحجم الكارثة التي ألمت بالعراق ، فيما لم تتعد القوانين حتى اﻵن غرامات مالية تقدر بـ 10 ملايين دينار والسجن لبضع سنين بأمكان اصغر تاجر مخدرات يريح الملايين شهريا دفعها – على الجزمة – كما يقول المصريون ولسانه يردد – بس هاي ؟ يدلل الحلو !” .
وللخمارين حسبي ان اذكر بالحديث النبوي الشريف ” كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ” . وبإحصائية الصحة العالمية بأن ” أنّ استهلاك الكحول ينطوي على مخاطر صحية ويخلّف آثاراً اجتماعية لها علاقة بقدرته على الإسكار وإحداث التسمّم والإدمان ..ويقتل على نحو ضار 2.5 مليون شخص، 320000 منهم شباب تتراوح أعمارهم بين 15 – 29 سنة. وهو عامل الخطر الرئيس الثالث المسبب للوفاة حول العالم “.اودعناكم اغاتي