14 ديسمبر، 2024 2:53 ص

يحاول المهزوم العتل, عادة, التشبث بخطاب يقلب الحقائق والمفاهيم لتبرير افعاله الشيطانية ويحولها الى ملائكية, فيستبشع جميلاً ويستحلي بشعاً, تبعاً لمصلحته.

 

فالمتابع لتصريحات رؤوس طغمة الفساد وأذرعها المسلحة وربكتهم نتيجة الأنتفاضة, يراهم قد غيروا الموجة وانقلبوا, فجأة وبقدرة قادر, من مقوضين لأمن المواطن ومنتهكين لهيبة الدولة واتباع للأجانب ورعاة للفساد الى عشاق مولهين بهيبة الدولة وضبط النظام العام, ووطنيين اقحاح, رغم تدججهم بالسلاح لحد انوفهم وخرقهم لقوانين دولتهم, ليل نهار, عالرايح والجاي, وتهديداتهم العلنية الصريحة بتدمير البلاد او تصفية رئيسي الوزراء والجمهورية.

 

احدهم المتعود ان يثرثر عن رأسين, أعلن, دون دليل, بلوذعية العارف بان نسبة المتظاهرين السلميين  في ساحات انتفاضة تشرين / اكتوبر المجيدة لا يتعدى ( لو تريد تكتل نفسها ) 2 %. و ( غلس عن ) وتجاهل  الأحصائيات الأممية التي وثقت سلميتهم, بالأشارة الى تقديم المنتفضين عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمختطفين والمغيبين والمعتقلين والذين أُغتيلوا غدراً, على يد قتلة, تتجنب حكومته الكشف عنهم.

 بينما خانه ذكاؤه عندما لم يتطرق الى خسائر القناصة وأصحاب الكواتم وحملة بنادق الصيد والأسلحة النارية, ومجاميع الأختطاف والأغتيال, الذين استهدفتهم  ال 98%  من المتظاهرين غير السلميين المزعومين. 

 

ويبدو اتهامهم الآخرين بالدفع للحرب الأهلية والأنقلابات بائساً. فالشعب يعرف بأن ما من أحد يرغب ويستطيع بعث هذا البعبع من قمقمه سواهم, لأنهم من يملكون السلاح والنفوذ والمال والاعلام والدعم الخارجي وامكانيات الدولة وسلاحها وباجاتها, وشبكة الأعوان في دوائر ومؤسسات الدولة وهم من يستطيعون ان يقلبوا عاليها سافلها.

 

حجتهم التي تُضحك الثكلى, هي قيام شباب مندفع دمّر مقرات احزابهم في الناصرية… شباب متيقن بأن العبوات الناسفة التي زُرعت في خيامهم وعلى اطراف ساحة اعتصامهم جاءت منها, وان مجاميع الاغتيال تحركت من هذه المقرات التي هي عبارة عن مراكز حجز وتعذيب وتنكيل وملاذ لأصحاب الكواتم الذين صفّوا غِيلةً أعز زملائهم…

 

وان كان في هذا العمل اعتداءاً على  ممتلكات خاصة ( وهي أغلبها مغتصبة ) فأنه لا يوازي بأي شكل من الأشكال حفلات الدم التي بيّتوها للمتظاهرين السلميين.

 

ولفرط خواء جعبتهم من ادلة على هؤلاء الشباب العزل, تشبثوا بدعوة فيسبوكية مجهولة, لينسبونها للمنتفضين جوراً, تلّوح بحمل السلاح لمواجهة قتلة المتظاهرين… 

 

بينما يعرف القاصي والداني ان السلمية وليس حمل السلاح هو نهج المنتفضين طوال ما يقارب العام منذ اندلاع الانتفاضة, وقد أعجزوا قاتليهم من جرّهم الى طريق العنف المسلح…

واصبح الشارع العراقي يعي بأن ما من مستفيد من هكذا دعوة سوى القتلة, وما تركيزهم عليها وتضخيم معانيها الا ليتسللوا لواذاً من المستنقع الذي ولغوا فيه, مستنقع معاداة شعب ثائر.

 

وتجدر الأشارة بأن بعض الناشطين السلميين يؤكدون بأن هذه الدعوة خرجت من ( عب ) أزلامهم المندسين في ساحات الأعتصام و ذبابهم الألكتروني لخلط الأوراق وشيطنة الأنتفاضة.

 

كما لا يغيب عن بال أحد بأن اول من دعا للأنتخابات الحرة المبكرة باشراف أممي كسبيل للتغيير, هم منتفضو تشرين. وليس من المعقول ان تطالب بهذا المطلب المشروع جهة تسعى للقتال وسفك الدماء, بل على العكس, عن شباب متمسك ببنود الدستور والأصول الديمقراطية في التداول السلمي للسلطة, ويجنح للسلام لبلوغ أهدافه, لذا فأن تشويه مواقفهم باتت عقيمة… لا تنطلي على العراقيين.

 

ويدهش المرء لسرعة تحول موضوعة ” هيبة الدولة ” لأعز ما على قلب رئيس وزراء سابق بعد حادثة تهديم مقرات احزاب اسلامية مهجورة, وتهويشاته ضدهم! بينما شهد عهده الوان متعددة من التجاوزات على هذه الهيبة بل تمريغها بالتراب, ابتداءاً من تعريض وحدة البلاد للخطر, بعد فشله كقائد عام للقوات المسلحة في مواجهة شرذمة ضالة من ارهابيي داعش لتحتل ثلث البلاد, وفي وأد  النزعات الأنفصالية ومخاطر تقسيم البلاد, ثم رجاؤه الذليل للأمريكان للعودة ودول اخرى لانجاز ما لم يستطع انجازه… مترافقاً بدعمه لتغول ايراني في التحكم بأمور البلاد, بذريعة المساعدة في مواجهة الدواعش. ثم تمكين مجاميع مسلحة من العبث بمقدرات الوطن والمواطن…

 

 وكل ذلك هدد كيان الدولة وليس فقط ثلم هيبتها التي يسكب دموع الأسى على انتهاكها من قبل الشباب.

 

لهذا فأن حديثهم أليوم عن ” هيبة الدولة ” المنسية طوال عشرات السنين من تسلطهم, هو مجرد ورقة سياسية لأحراج وابتزاز غريمهم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي, الذي يطالبه الشعب  بمعالجة الأسباب التي أدت الى هذا الدمار وعدم الأنشغال كثيراً بالنتائج.

 

الرفض الشعبي لهم غالق ( غالق عالقضية ) وآفاق نظامهم مسدودة. كذلك المرجعية الدينية العليا في النجف التي يتبجحون بولائهم لها ودعمها لهم لا تطيق رؤية وجوه قادتهم ولا تستقبلهم.

 

حنقبازيو السياسة يعرفون بأن أوانهم قد أزف بعد ان ثقلت اوزارهم بجرائم القتل وسرقة المال العام, ولا مجال, بعد اليوم, للألتفاف على الوعي الشعبي الذي أطلق الأنتفاضة ثم صقلته في أتونها.

هزمتهم انتفاضة شعب مدمى !