27 يوليو، 2024 3:44 ص
Search
Close this search box.

نحن والاسلام .. الدعوة التي لاتموت (4)

Facebook
Twitter
LinkedIn

لابد لي في البداية من توضيح ما المقصود بالضمير نحن في صدر العنوان (نحن والاسلام)، فقد استفهم البعض قائلاَ من نحن؟. والمقصود بنحن مفهوم من سياق الكلام فعندما نفرق بين اتباع المذاهب والاسلام فهذا يعني ان المقصود بنحن هو اتباع المذاهب.

واننا نؤكد مرة اخرى ان الهدف الاسمى من هذا الجهد هو التخلص من حالة التخبط وعدم الاطمئنان والشعور بالامان واستمرار حالات التناحر وضياع الجهود والوقت بسبب هذا الارتباط الذي في حقيقته ارتباط بالمسمى وهو الاسلام فقط الامر الذي ادى الى التصارع على احقية تمثيله بدلاً من ان يؤدي الى التلاحم كما تنص عليه كل ادبياته ويعترف بها الجميع. مؤكدين كذلك على ان كل الآراء محترمة بما فيها الآراء المخالفة مع ادراكنا التام بعدم امكانية الغاء تلك الآراء بل قد توجب الضرورة تواجدها احياناً.

اي بعبارة اخرى ان الوقت قد حان لنصارح انفسنا امام الله وبكل مصداقية لنرى اين الخلل وما هو المخرج للتخلص من هذا الوضع المزري ومواجهة الحقيقة بكل شجاعة ووضع النقاط على الحروف في رسم طريق مستقبلي واضح يتقبله كل مخلص يحترم عقله قبل عقيدته ولا يهمنا في الله لومة لائم غير مكترثين باساليب من سبقونا التي لو انها ذهبت مع الريح لكانت تعبر عن خسارة وقت وجهود فقط وهذا اهون الشرين ولكن الطامة الكبرى انها ازادة الطين بلة وعمقت التفرقة وادت الى ازدياد الذبح بين اتباع المذاهب.

وقد شخصنا العلة في تلك الآليات التي كانت لم تعي خطأ ادواتها والمنهجية المتبعة بل حتى في مدلولات نتائجها كمقولة الافغاني ( لقد اتفق المسلمون على ان لايتفقوا ) كما بينا . وخطنا في ذلك هو الدعاء لهم ( اللهم ارحم اخواننا الذين سبقونا في الايمان)، لادراكنا ان الاعمال بالنيات وانه وحده من يزكي الانفس.

وبعد رسم خطوط الآلية التي ارى وجوب اتباعها للخروج بنتيجة واضحة تعمم على الجميع لاتخاذ موقف واضح ازائها وانهاء الحالة المخجلة التي يعيشها المسلمون او على الاقل محاولة الانتقال الى حالة اكثر وضوح وطمأنينة، وقد ذكرنا بان الطمانينة اعمق من الايمان على لسان ابراهيم (ع).

ولا نريد ان نؤكد هنا ان هذا الامر صعب مستصعب لايقوى على حمله فرد الا اللهم الانبياء وقد انتهى دورهم، انما لايجب السماح بهكذا تجربة لانها قد تؤدي الى اضافة رقم جديد في الساحة بتمحور عدد معين من الاتباع حول ذلك الفرد وبالتالي لانرى الا ظهور بلوى جديدة تحت مسمى ( اتباع فلان او علان )، لهذا قلنا اننا في خطر.

اذن لابد من تبني الآلية التي نوهنا اليها مجموعة من الشخصيات التي لها كامل الاستعداد للخوض في هذه التجربة بعد تمسكها بالشروط التي سنأتي عليها ومتابعتها للبرنامج الذي ترى بانه الكفيل لايصالها للهدف المعلن.

مع ادراكها بان وصولها لذلك الهدف هو ليس تحقيقاً لما يسمى الوحدة الاسلامية فهذا الامر لايعنينا بعد اليوم فنحن لانريد ان نخدع انسفنا ونمنيها بأمور اشبه ما تكون اقرب للخيال. فلايمكن لعاقل ان يتصور بان الشيعة ستتخلى عن موروثها المذهبي او ان السنة ستخلد الى الراحة يوماً دون التفكير بالسلطة.

فنحن ندرك جيداً اين تكمن المشكلة وقادرون على التشخيص ولكن لانريد ان ننهي الامر بهذه السذاجة لكي تبقى الحال على ما هو عليه وكما دأب الاخرون.

فالخلاف على اعلى مستوياته يتمثل بين اكبر طرفين من المذاهب الاسلامية على الرغم من تعددها الى العشرات ( فيذكر ان الوهابية لوحدها تشكل اكثر من عشرين فرقة )، وهذان الطرفان هم السنة بمختلف فرقهم والشيعة الامامية بمختلف فرقهم، ويتجسد هذا الخلاف عقائدياً لدى الشيعة وسياسياً لدى السنة.

نعم الشيعة يؤكدون عبر كل تاريخهم على القضية العقائدية التي لايملكون الاستعداد للتنازل عنها وهي الامامة وما يرافقها من عصمة وانتقال الولاية بالنص وصولاً الى الاجتهاد… الخ ، والسنة لايمكن ان يتهاونوا في قضية عدم تخليهم عن السلطة ولهذا فانك ترى ان هذا الامر معكوس حتى على تفسيرهم للقرآن في قوله ( يا ايها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول واؤلي الامر منكم ) حيث انهم يوعزون طاعة اؤلي الامر اي الحكام وعليه يجب اطاعة الحاكم وعدم الخروج عليه.

وهذا ما يوجب اخذ هذا الامر بعين الاعتبار على ما اعتقد، فليس من السهل عليهم تقبل حاكم شيعي عليهم، من هنا فان الامر يعد خلافاَ عقائدياً سياسياً في نفس الوقت، الامر الذي يوضح مدى علاقة الدين بالسياسة بشكل جلي.

وهنا احترم راي الكاتب حسن العلوي حين جسّد ذلك بوصفٍ دقيق موجز من خلال مقولته ( الشيعة تلطم والسنة تحكم ) نعم هذا ما كان سارياً لقرون.

لكن هذا لايهمنا فنحن متوجهون باتجاه هدف مرسوم وقد اصبح واضح لدينا بغض النظر عن تحقيق الوحدة التي تبدوا مستحيلة ام لا.

انني ادعو مجموعة من الشخصيات المعروفة باعتدالها وامتلاكها لتجربة وسعة صدر وفكر في هذاالصدد ، ولكن لا ادري ان كان لديهم الاستعداد لتقبل الشروط التي بدونها لايمكن للتجربة ان تنجح بل ستكون كغيرها في غياهب التاريخ حيث فشلت كلها لانها ولدت وهي ميته لعدم توفر المصداقية في تأسيسها اصلاً.

فالى الامس القريب لازالوا يؤسسون المنظمات والمجالس واغداغ الاموال الطائلة عليها ويستهلكون فيها الوقت الثمين وهي ليست الا هواء في شبك. فقد تم تاسيس “مجلس حكماء المسلمين” في الامارات في 19/7/2014 بعد ان تم نعي ما يسمى ” اتحاد علماء المسلمين ” الذي يرأسه القرضاوي لاتهامه بتاجيج الفتن بين المسلمين ( راجع صحيفة الاسلاميون الصادرة في 19/ 7 / 2014 ).

وشروط نجاح هذه الشخصيات في عملها هي :

* ان تتحلى بعدم تمسكها بالانتماء المذهبي، وهذا لايعني ان مذاهبهم لاتمثل الحق ولكنه كاجراء حسن نية لاثبات المصداقية في فترة الخوض في هذا البحث بتجرد حتى ظهور النتيجة.

* تحتم عليهم النقطة السابقة التخلي عن المظهر المذهبي فمن يتقلد العمامة مثلاً يجب عليه التخلي عنها او ظهور جميع المعممين بشكل عمامة موحده، فمن غير المعقول ان يجلس شخصان ويتحدثان عن الوحدة الاسلامية او قل التفاهم والتقارب بين المذاهب وكل منهم يتعمم بعمامة تدلل وبكل وضوح على انتمائه لمذهبه الذي يختلف عن مذهب الآخر وهذا ما لم ينتبه اليه دعاة الوحدة الاسلامية او اصحاب المؤتمرات التي عقدت لهذا الغرض

والموسومين بعلماء المسلمين وهي عناوين يجب النظر فيها وتوجيهها الوجهه الصحيحة هي الاخرى وهذا ما سنتطرق اليه في حلقة قادمة.

* يتم التحري في مفاصل مهمة يتم عرض نتائجها على جميع اتباع المذاهب بعد الانتهاء من التحري من اجل القاء الحجة عليهم ومنها :

1- استطلاع آراء ذوي الحل والعقد في الفرق المذهبية حول تقبل نتائج هذه النخبة ام لا. فان اذعنوا بقبولها فهذا يكون ملزم لهم مهما كانت النتيجة فهي كالبيعة، اما ان اعرضوا عن ذلك فعندها يصبح عمل هذه المجموعة مبرأ للذمة في تشخيص الخلل والقاء الحجة على اتباع المذاهب كجهد تاريخي واعي حاول ايجاد مخرج لما عليه اتباع المذاهب من ضياع من خلال رسم الخطوط العريضة التي تمثل وتجسد واقع الاسلام بناءً على الاوليات الصحيحة التي يتم اعتمادها كالتفسير القرآني المتفق عليه دون تداخلات التأويل والسنة التي يتاكدون صحتها . فتفسير القرآن يتحمل وجه واحد ( فما خالف كتاب الله فهو زخرف ) اما التأويل فله عدة اوجه، فكيف يمكن مثلاً تقبل تفسير مصطلح الذكر في الآية الكريمة ( انا نحن نزلنا الذكر وانّا له لحافظون ) على انه قد يعني الرسول او الرسول واهله او علماء الدين وهكذا في حين ان الذكر مسبوق بالتنزيل من جهة وان الله تعالى اكد او قل اوضح الامر بتلازم آية ثانية في غير موقع (انا انزلناه في ليلة القدر) من جهة اخرى، فهل ان الناس منزلين ام مخلوقين، وبعد هذا كيف يمكننا تقبل هكذا اجتهادات من ما يعتبرون مفسري القرآن المعتمدين وان كانوا يوصفون بهذا الاختصاص عرفاً. ان هذا الامر وغيره من الامور المشابهة هي التي خلقت الهلامية والضبابية والتذبذب وعدم الثبات على اراء واضحة في الامور الاسلامية الامر الذي فتح الباب واسعاً على مصراعيه لكل من هب ودب لابراز مآربه مما ادى الى ما وصلنا اليه، لهذا نؤكد ان الاسلام في خطر.

2- الاتفاق على عدم تواجد الاسلام على ارض الواقع وان ما لدينا هو مذاهب تدعي الاسلام . ومن هنا فاننا نتلمس الطريق للعودة الى الاسلام تجاوباً وطاعةً للتحذير الذي ذكره الرسول في حديثه الذي انذرهم فيه بعدم تشتتهم الى فرق.

3- ان الاسلام وحدة لاتتجزأ مهما حاول المضللون النفعيون التلاعب بها.

4- ما هي امكانية التخلي عن المذهبية، وما هي الضوابط ولماذا، اي تبيان الحدود الشرعية والاخلاقية والفوائد او حتى الاضرار ان وجدت وطرحها امام اتباع المذاهب ليكونوا على بينة وبكل شفافية وليس مجرد النصائح والتوصيات السطحية والتي لاتساوي قيمتها قيمة الورق الذي تكتب عليه.

ففي آخر بيان للمؤتمر الدولي السادس للتقريب بين المذاهب والمنعقد في لندن ( ولا ادري لماذا في لندن وليس في احدى الدول المدعية للاسلام ) في 29/ 9/ 2012 حوى على اربعة عشر نقطة لو امعنا النظر فيها لوجدناها عبارة عن نقاط نظرية للنكهة لا تنطوي على عمق يمكن ان يمهد لاعطاء حلول ميدانية لاي موضوع انما هي نقاط سطحية او قل مجموعة نصائح لاغير.

5- دراسة وتقدير مستوى الوعي والادراك الاسلامي لدى اتباع المذاهب مقابل مايمتلكونه من ثقافة مذهبية انطلاقاً لتحديد آلية معالجة مواطن الخلل في الفهم الاسلامي الصحيح.

6- تحديد دور الاجتهاد وفتح باب الفتوى وتاثيرهما في التاريخ الاسلامي .

7- ما هي آليات تحديد الخطاب الاسلامي لوضع المسلم امام رأي موحد لتخليصه من التشويش والحيرة وزرع حالة الاطمنان التي نادينا بها في قلبه. لتكون الممارسات لكل المناسبات الاسلامية موحدة فايام الاعياد مثلاً يجب ان تكون واحدة وليس لكل مذهب يوم يختلف عن الآخر بل اصبح لدينا نحن الشيعة عدة أراء لنفس العيد فاتباع المجتهد الفلاني يفطرون ويعيدون قبل اتباع المجتهد الفلاني …الخ مما يثير السخرية والتندر احياناً وهو ما نلمسه في هذه المناسبات من نفس اتباع المذهب ولازال الامر دون علاج ناجع.

ولا يفوتني ذكر هذه اللطيفة التي يعرفها كل اصحاب المذاهب ولكنهم لايحركون ساكناً ازائها، فقد ذكر شيعي وهو يتكلم عن يوم الميعاد فقال ان يوم قيامة الشيعة ستكون بيوم بعد قيامة السنة اشارة الى ما اعتاد عليه السنة والشيعة في احتفالهم بالاعياد الدينية.

8- تحليل وتحديد الحلول في موضوع الخلافات في الفروع والاصول والتركيز على اللب وترك القشور.

9- كيفية تسخير الامكانات المالية والطاقات البشرية والماكينة الاعلامية وكل ما يتمتع به اتباع هذه المذاهب لصالح انجاح هذه المهمة وتحقيق هذا الهدف النبيل.

10- الاعلان عن النتيجة امام كل المذاهب ودعوة كل من لايعترف بها ان يفندها بالدليل المنطقي والشرعي.

ومن المؤكد وجوب وجود جهة متمكنة كدولة او مجموعة من التجار او منظمة كبيرة.. الخ تلتزم هذا المشروع بكل مصاريفه منذ البداية وحتى انتهائه.

ومن الاعضاء الذين ارشحهم انا سواء كانوا مستعدون للتفرغ لهذا العمل ام لا لانني لم اتوجه لاحدهم بالسؤال عن ذلك انما هي مجرد تزكية لهؤلاء لاعتقادي بصلاحيتهم لاداء هذه المهمة الاستثنائية ولابد من وجود امكانيات اخرى تتصف بهذا الطابع وهم :

السيد علي السيستاني من النجف، الشيخ احمد الكبيسي، علي الامين اللبناني، محمد التيجاني السماوي، الداعية عدنان ابراهيم، المحقق غالب حسن الشابندر، وشخصية او اكثر من الازهر…. الخ.

وفي الختام فانني انوه الى انه قد يستغرب البعض من طرح هذه الحلقة التي تعتبر رؤيا للحل في هذا الوقت المبكر حيث من المنطق ان تكون في النهاية بعد استعراض ما نريد استعراضه من الواقع المذهبي وهذا صحيح غير انني قدمت هذه الحلقة لكي اطرح تصور مسبق امام هذه الشخصيات وغيرها ممن لم يحضرني وقد يكون متقبلاً ومستعداً لما جاء في الدعوة او قل المبادرة متمتعاً بالامكانية التي تجعله يثق بنفسه في خوض غمار هذه التجربة ليتابع ما سيتم طرحه في الحلقات القادمة ولو على سبيل الاطلاع بعد ان تبينت الخطوط العريضة للمشروع.

وسيتم تسليط الاضواء على الكثير من هذه النقاط آنفة الذكر وغيرها في الحلقات القادمة، وبهذا نكون قد اسهمنا مساهمة مخلصة في محاولة ايجاد مخرج لهذه المعضلة المزمنة .

انني ازعم بان هذه الدعوة ( المبادرة ) سوف لن تموت ابداً كسابقاتها لو طبقت كما هو مرسوم لها . وان لم تطبق فوسوف تبقى خطة جاهزة تحت اليد في اي وقت تضع النقاط على الحروف في امكانية ايجاد مخرج لما يجري مذهبياً في سبيل العودة لتلبية نداء الرسول (ص) في مجالين اساسيين حدد موقفه (ص ) اتجاهنا والقى الحجة علينا في الاول ( اليوم اكملت لكم دينكم واتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا )، فلا يجب الزيادة عليه لانه مكتمل وليس بحاجة الا للتطبيق الصحيح دون تعقيد ( جئتكم بالشريعة السهلة السمحاء ). وحذرنا من مغبة الوقوع في التفرقة ثانياً ( ستفترق امتي الى سبعين فرقة كلها في النار الا واحدة ) فوجب علينا العمل بكل قوة لعدم الوقوع في هذا المحضور انتباهاً لتحذيره واطاعة لامره (ص )، انما هو امتحان عسير والحليم من يتعظ. والله تعالى من وراء القصد.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب