3 أكتوبر، 2024 8:18 م
Search
Close this search box.

مقتل عثمان الحدث المؤسس لانشقاق المسلمين وانقسامهم النهائي

مقتل عثمان الحدث المؤسس لانشقاق المسلمين وانقسامهم النهائي

كأن ابن الخطاب ينظر من وراء ستر رقيق وهويملي نبوئته على عثمان يوم جمعهم لما طعنه أبو لؤلؤة و علم أنه ميت.(كأني بك قد قلدتك قريش هذا الأمرفحملت بني أمية و بني أبي معيط على رقاب الناس و آثرتهم بالفي‏ء فسارت إليك عصابة من ذؤبان العرب فذبحوك على فراشك ذبحا و الله لئن فعلوا لتفعلن و لئن فعلت ليفعلن ثم أخذ بناصيته فقال فإذا كان ذلك فاذكر قولي فإنه كائن).(1).وفعلا كان وكانت لعنة فجرت الصراع الشديد والحروب الأهلية التي طبعت الحياة السياسية للمسلمين واسست لانشقاق المسلمين وانقسامهم النهائي.نبوءة عمروسياسة عثمان.
أخذ المسلمون على عثمان بن عفان أخطاء عدة تدلل على الفساد، منها أنهم قالوا:
أ – كان النبي قد نفى الحَكَم بن أبي العاص وطرده من المدينة، فظل طريداً طوال حياة النبي ومدة خلافة أبي بكر وعمر اللذين رفضا شفاعة عثمان فيه ليعود إلى المدينة, فلما كانت خلافة عثمان قدم الحَكَم عليه، لأنه عمُّه، فأبقاه في المدينة ولم يأمره بالخروج منها كما فعل النبي وصاحباه، أبو بكر وعمر، فآوى عثمان طريد النبي,
ب – اتخذ عثمان أقرباءه ولاةً على أمصار الإسلام, ولو أنهم كانوا من أهل الفضل والدين لكان في توليته إياهم محاباة القرابة التي بينه وبينهم، وجنوحٌ إلى عشيرته بني أمية, فكيف وهم فسقة فجار!؟
ومن هؤلاء الولاة الوليد بن عقبة بن أبي معيط (ووالده عقبة هذا عدو النبي الذي قتله صبرا، فلما قال للنبي: ومن للصِّبْية – ومنهم الوليد – يا محمد؟ قال: لهم النار) وقد ولاه عثمان أمر الكوفة، فأحدث فيها وصلى بالناس وهو مخمور، فزاد في عدد الركعات والسجدات, ولما نبّهه الناس التفت إليهم وقال لهم: هلا زدتكم! ومن ولاة عثمان – كذلك – عبد الله بن أبي سرح – وكان رضيعه – فولَّاه أمر مصر، (وكان محمد قد أمر بقتل عبد الله هذا ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة)، وعبد الله بن عامر الذي ولاه البصرة، ومعاوية بن أبي سفيان الذي ولاه الشام وأطلق يده فيها, وكان معاوية هذا والياً على الشام في عهد عمر غير أنه – كما قال علي – كان أخوف لعمر من خادم عمر له),
ج – فتح عثمان خزائن بيت المال لبني أمية، وزوَّج مروان بن الحكم بنته وسلَّمه خُمس غنائم أفريقية، وقد بلغت مائتي ألف دينار, ثم استسلم عثمان في كل أموره لمروان هذا (ابن عمه) فأخذ يفسد كثيراً بسوء التصرف وسوء المشورة,
د – هذا فضلًا عن إيذاء أصحاب النبي, وممن آذاه عبد الله بن مسعود حتى انحرفت قبيلته هذيل عن عثمان بسبب ذلك، وعمار بن ياسر حتى انحرفت قبيلته بنو مخزوم عن عثمان من أجله، وأبو ذو الغفاري الذي نفاه إلى الربذة ومنعه من البقاء في المدينة أو الذهاب إلى مكة,
إذاً أخذ المسلمون على عثمان – الخليفة الثالث – ما يُسمى بفساد الحكم أو فساد الإدارة، ممثَّلًا في تعيين حكام فَسَقة غير ورعين ولا تقاة ولا أكفاء، بسبب قرابته لهم لا غير، وسوء التصرف في أموال المسلمين وبيت المال، وحماية الخارجين على القانون والنظام العام مثل الحَكَم بن أبي العاص، واضطهاد المحكومين، ونفي المعارضين، وعدم الحكم وفقاً لأوامر الله في القرآن ونهج النبي في السنّة، بل تبعاً لمشورة مروان بن الحكم بن أبي العاص, وهي أمور تعني – بلغة العصر – المحسوبية والاستيلاء على أموال الدولة، وحماية المفسدين، وعدم تنفيذ القانون، ووقف العمل بالدستور، واعتقال المعارضين!!! (عن تاريخ الطبري ج3 والملل والنحل).
ومع أن عمر وعثمان ماتا مقتولين، إلا أن عمر قُتل على يد غلام من أصل مجوسي، وترك قتله غصّة في نفوس المسلمين، بينما ما حدث لعثمان عكس ذلك، فقد قُتل على يد المسلمين الثائرين المحاصِرِين لمنزله وبإجماعٍ منهم, وقد تتصور أن قتلة عثمان قد أشفوا غليلهم بمصرعه على أيديهم، وانتهت عداوتهم له بموته، لكن كتب التاريخ تحدثنا برواية غريبة ليس لها نظير سابق أو لاحق, قال الطبري في كتابه تاريخ الأمم والملوك (جزء 3) أن عثمان بقي بعدما قُتل ليلتين لا يستطيعون دفنه، ثم حمله أربعة (حكيم بن حزام، وجبير بن مطعم، ونيار بن مكرم، وأبو جهم بن حذيفة), فلما وُضع ليُصلَّى عليه جاء نفر من الأنصار يمنعونهم من الصلاة عليه، فيهم أسلم بن أوس بن بجرة الساعدي، وأبو حية المازني، ومنعوهم أن يدفن بالبقيع, فقال أبو جهم: ادفنوه فقد صلى الله عليه وملائكته, فقالوا: لا والله لا يُدفن في مقابر المسلمين أبداً, فدفنوه في مقابر اليهود, فلما ملكت بنو أمية أدخلوا تلك المقبرة في البقيع, وفي رواية ثانية: أقبل عمير بن ضابيء، وعثمان موضوع على باب، فنزا عليه فكسر ضلعاً من أضلاعه, وفي رواية ثالثة أنهم دفنوه في مقابر اليهود حين رماه المسلمين بالحجارة، فاحتمى حاملوه بجدارٍ دفنوه بجواره، فوقع دفنه في مقابر اليهود!
وإليك تهم عثمان التي أدت الى مقتله بأختصار:
التهمة الأولى: ضرْبه لابن مسعود حتى كسر أضلاعه ومنعه عطاءه.
التهمة الثانية: ضرْبه عمار بن ياسر حتى فتق أمعاءَه.
التهمة الثالثة: ابتدع في جمْعه للقرآن وحرْقه للمصاحف.
التهمة الرابعة: حَمَى الحِمَى وهي مناطق ترعى فيها الإبل وجعل إبل بني أمية فقط هي التي ترعى فيها.
التهمة الخامسة: أنه أجلى أو نفى أبا ذرٍّ الغفاري إلى الربذة، وهي منطقة في شمال المدينة.
التهمة السادسة: أنه أخرج أبا الدرداء من الشام.
التهمة السابعة: أنه ردّ الحكم بن أبي العاص بعد أن نفاه النبيل من المدينة.
التهمة الثامنة: أنه أبطل سنة القصر في السفر، وذلك لأنه أتم الصلاة في (منى) لما ذهب للحج.
التهمة التاسعة: أنه ولّى معاوية بن أبي سفيان وكان قريبًا له.
التهمة العاشرة: ولّى عبد الله بن عامر على البصره وهو قريب له.
التهمة الحادية عشر: أنه ولّى مروان بن الحكم وكان قريبًا له.
التهمة الثانية عشر: أنه ولّى الوليد بن عقبة على الكوفة وهو فاسق.
التهمة الثالثة عشر: أنه أعطى مروان بن الحكم خمس غنائم إفريقية.
التهمة الرابعة عشر: كان عمر يضرب بالدرة أما هو فيضرب بعصا كبيرة.
التهمة الخامسة عشر: علا على درجة رسول الله في المنبر وقد نزل عنها أبو بكر وعمر.
التهمة السادسة عشر: لم يحضر بدرًا.
التهمة السابعة عشر: انهزم وفرّ يوم أحد.
التهمة الثامنة عشر: غاب عن بيعة الرضوان.
التهمة التاسعة عشر: لم يقتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان، وكان عبيد الله بن عمرقد قتل حتى طفلة الهرمزان وزوجته.
التهمة العشرون: أنه كان يعطي أقرباءه، ولا يعطي عامة المسلمين.
للحديث بقية……………………………………

1-ابن ابي الحديد،شرح نهج البلاغة،الشورى ص186.

أحدث المقالات

أحدث المقالات