مشروعي أو لا مشروع!!

مشروعي أو لا مشروع!!

النهضويون والمفكرون والفلاسفة وأمثالهم يتحدث واحدهم عن مشروعه الذي يحسبه هو الجواب على سؤال “لماذا نأخرت أمتنا” , ويرى أن مشروعه الأمثل والأصوب والأقوم , وغيره لا قيمة له ولا أثر.

وفي هذا السلوك يؤكدون على تطرفهم ومغالاتهم , فلا فرق بينهم والحركات والمجاميع التي ينتقدونها , ويكررون نداءات الإصلاح الديني وإعمال العقل في النص الديني.

إنهم متطرفون بصدق وإخلاص , ونشاطاتهم لا تختلف عن أية حركة متطرفة يتوهمون بأنهم يفندونها , وكأنهم ينهون عن أمر ويأتون بمثله.

أمتنا فيها مشاريع أكثر من الأمم الأخرى , وهي عبثية لاقيمة عملية لها ولا دور في صناعة الحياة الحرة الكريمة.

فمنذ مطلع القرن التاسع عشر ونحن في دوامة المشاريع الإصلاحية بأنواعها وبرموزها المعروفين , ولا تزال تدور في أفلاك ما قالوه , وحمل رايات دعواتهم التي ما قدمت شيئا عمليا أكثر من الرؤى والتصورات , فمشاريعهم كلامية بحتة , وعلى الورق , وبين طيات الكتب المركونة على رفوف النسيان والإهمال , بلغتها المرهونة بعصرها.

ولو جمعت كتبهم لوجدتها تملأ مكتبة كبيرة , فهي بالآلاف ولا شيئ غير الكتب الخالية من التأثير , والتي يتداولها مَن يسيرون  على خطاهم ويعيدون ذات الآليات والتفاعلات الخائبة.

ترى مالفرق بين مفكري الأمة وغيرها من الأمم؟

إن القاسم المشترك لمفكري أمتنا أنهم ينحشرون بالدين , ويحسبونه السبب لما تعاني منه الأمة كامن بالدين , الذي عليه أن يتجدد ولا يدركون ما يقصدونه بالتجديد ولهذا ما جددوا , بل تسببوا بتداعيات فئوية وتفاعلات خسرانية مروعة.

كما أنهم منشغلون بموضوع التراث والمعاصرة , وهي إسطوانة تعبت الأجيال من سماعها  , وكأن أمتنا لوحدها عندها دين وتأريخ , والأمم الأخرى مولودة من رحم اللاشيئ.

ووفقا لما يقومون به فأنهم يتسببون بأضار جسيمة للأمة , وما أسهموا في نهوضها وتطوير أحوالها.

وعليهم أن يتحرروا من هذه الرؤى والتصورات البائدة , وينتقلوا إلى ميادين بناء الحياة الحرة الكريمة اللازمة لتواصل الأجيال بطاقاتها الإنسانية الأصيلة , فأمتنا مؤهلة لحاضر أقوى ومستقبل أجمل.

إن أي محاولة لتبرير الحاضر بمفردات الماضي سلوك تقهقري إندحاري تدميري شديد , فالمطلوب النظر بعيون الحاضر والتأمل ببصيرة المستقبل , بعيدا عن معطيات “كان وقال”!!

بعقولٍ فاعلت كل العقول

أطلقت جيلا رهينا بالسفول

قرأت روح وجودٍ مستطابٍ

وتواصت برفودٍ وقبولِ

أمة الإشراق دامت في ذراها

تمنح الأيام سلاّف الأصول

أحدث المقالات

أحدث المقالات