لم أكن يوما من الناصريين ، فقد كنت اعيب عليه دوره في معاداة العراق ابان حكم الزعيم ، وساهموا عن دراية مع أمريكا في مقتله ، وقد كنت الاحظ كالاخرين أخطاء الناصريين والبعثيين وهم يتوجهون إلى السفارة السوفيتية في بغداد محتجين على السوفيت لأنهم اقلوا ( كما كانوا يروجون ) في تجهيز مصر بالسلاح في الوقت الذي كنا فيه أمام السفارة الامركية في شارع السعدون محتجين على المساعدات السخية لاسرائيل في حرب الخامس من حزيران ، ولكن لا هذا ولا ذاك يمنع المنصف أن يقول الحق بحق عبد الناصر ، ويمكن للوهلة الاولى الحكم على عبد الناصر من خلال مواقف زعامات العرب في فترة ما بعد السادات ، حيث الإنكباب على الذات بدءا من العقيد صالح ، والجنرال مبارك او اسلام عمر البشير ، وقومية معمر الخائفة من بئس المصير ، او خراب عرين الأسد ومعاركه مع صدام بعيدا عن قضية فلسطين ، زعامات في الجزائر تبتعد عن همة المليون شهيد لتناصب العداء لمغرب يتنكر لانتماء المغرب للاجماع العربي حيث كان من أوائل المطبعين مع اسرائيل ، وزين العابدين وفساده المبين. ، وهكذا بقية الزعامات ، كل على هواه أبعد بلاده عن هموم شعبه وانغمس في الملذات ، يقول محمد حسين هيكل في كتابه السلام المستحيل والديمقراطية الغائبة . طبعة بيروت ( ص 27 ) أن ذكر جمال عبد الناصر اصبح بقعة حمراء تستفز ثيرانا كثيرة وهائجة في المنطقة – وانا رجل لا خبرة لي بمصارعة الثيران ، نعم أن ذكر عبد الناصر بمحضر اسرائيل على سبيل المثال يجعلها ثورا هائجا لانه والمرحوم الملك فيصل بن عبد العزيز وعبد الكريم قاسم كانوا عند البقعة الحمراء فقتل الأول وتم تسميم الثاني اما الثالث فقد تم قتله وترك بقبر مجهول ، إن إثارة موضوعة عبد الناصر يراد منه استغلال المهم للتغطية على الأهم ، والاهم اليوم ، هو ما تفعله اسرائيل بالعرب ، فهي تضرب في كل مكان في غزة في اليمن في لبنان ، واليوم في سوريا وغدا ربما في عمان تقتل وتحاصر البشر في غزة وجنين ، والابادة تتجلى في كثرة الدمار وتكرار التهجير ، وهي لا تحمل مشروعا يستحق التطبيع ، فهي لم تكن منذ البداية تؤمن بحل الدولتين ، ولم تحاول النجاة بالمنطقة وفقا لمبادرة وليام روجر والتي قبل البحث فيها عبد الناصر ، ويستطرد هيكل في كتابه اعلاه ( ص 47-48) لم تكن التجربة الناصرية اختراعا توصل اليه رجل ، لكنها كانت ضرورات املتها طبيعة وظروف ، جغرافية وتاريخ شعب . ويستطرد هيكل يقول من الذي كان يمكن أن يؤدي إليه صمت الصامتين حيال المبادرة ، لقد كانت اول طريق ، وكل طريق له بداية ونهاية ، والمبادرة رفضتها اسرائيل لانها تطالب بتنفيذ القرار 242 لعام 1967 ، والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة ، وفقا للترجمة الفرنسية ، وقد اعلنت مصر في آب 1971 التحلل من المبادرة ،