26 ديسمبر، 2024 2:43 م

القوة تعني كل شيئ , وما تبدو عليه القوى الفاعلة في الأرض , أقنعة للخداع والتضليل والتبرير , فالأسود تتأسد , والثعالب تتثعلب , وبينهما أنواع من المخلوقات التي تُلقى على موائد الإفتراس كل يوم.
لا جديد في الواقع العالمي منذ نشأة الدول , فالقوى في حلبات المصارعة والملاكمة , والجمهور يهلل ويصفق للقوي , ويلعن الضعيف البائس الفقير , وينكر وجوده ويلغي قيمته.
أقوياء يتجبّرون وضعفاء يتدحرجون ويندحرون , فالقوي عادل , والضعيف جائر , والقانون ترس الأقوياء وأداتهم للنيل من الضعفاء.
فالقوة كل شيئ , ومَن لا قوة له لا يساوي شيئا!!
وفي الزمن المعاصر أضحت القوة مادية بحتة , بعد أن كانت في السابق تتفوق عليها القوة الروحية والفكرية والعقائدية , فما تملكه البشرية من أسلحة وأعتدة لم تتوفر لها في الأزمان الساحقة , كما أن وسائل الإتصال وماكنات الإعلام التعبوية المستندة على نظريات وقوانين نفسية معقدة , تلعب دورها الأكبر في تصنيع الآراء وبناء الكينونات اللازمة لتأمين عناصر القوة والإنطلاق نحو آفاق جديدة.
والعلاقات بين الدول تستند على مقدار القوة المتوفرة عند كل منها , فإن كانت قوية أذعنت لها دول ودول , وإن بدت ضعيفة هربت منها الدول وأهانتها , وإقتربت منها بإفتراسية وتوحشية مطلقة.
وبموجب ذلك تجد دولنا مرهونة بإرادات الدول الأقوى منها , وتابعة لغيرها , لأن الضعيف يعجز عن تقرير مصيره , ويكون في محنة الترنح كالشراع في مهب الريح , ولهذا تتراكم الخسائر وتندحر الشعوب في متاهات مصيرية مرعبة.
إن الحياة للأقوى , والذي يجهل هذا القانون الأرضي الفاعل فوق التراب منذ الأزل , عليه أن لا يتحدث عن الحياة , ولا يستطيع أن يرى بأنه موجود.
وبعض المجتمعات برغم ما تمتلكه من مفردات القوة الهائلة , لكنها تفتقد للقيادات الكفيلة بإستثمارها وإستعمالها للتفاعل مع الآخرين , وفقا لمناهج القوة وقوانينها الغابية المؤكدة لوجود وهيمنة الأقوى.
فهل لدولنا أن تستعيد قدرات إمتلاك إرادتها للتعبير الأصدق عن جوهر قوتها؟!!
“ومَن تكن الأسد الضواري جدوده…يكن ليله صبحا ومطعمه غصبا”!!
د-صادق السامرائي

أحدث المقالات

أحدث المقالات