14 ديسمبر، 2024 9:56 م

فتوى التحشيد الطائفي و”داعش” طارئان…فمتى ما خرج الطارئان فسيكون العراق وشعبه بألف خير

فتوى التحشيد الطائفي و”داعش” طارئان…فمتى ما خرج الطارئان فسيكون العراق وشعبه بألف خير

يعتبر العراق من أكثر البلدان تنوعا بالأعراق والأديان والطوائف والمكونات والتي شكلت بجموعها فسيفساء بلاد الرافدين، وأجمل لوحة شهدها تاريخ الشعوب من حيث التجانس والتصاهر والتآلف والتلاحم والمساهمة في بناء حضارة العراق التي لا تدانيها حضارة، تجمعها هوية ومظلة واحدة ومصدر قوتهم وتوحدهم وإبداعهم عنوانها الوطن والمواطنة والانتماء والولاء إليه، هكذا عاش العراقيون لآلاف السنين….
بعد الاحتلال الذي باركته وشرعنته المرجعية هبت رياح صفراء عاتية تحمل معها غبار وسموم الفرقة والبغضاء، تحركها زعانف الغدر والحقد دخلت على ظهور دبابات قوى الشر، التي كانت تحلم في تقطيع لحمة الشعب العراقي، من اجل إضعاف وطن وشعب كان يمثل العقبة الكئود أمام مشاريع وأطماع دول الاحتلال والإمبراطوريات في هذا البلد ، فلم تجد إلا أن تنثر غبارها الآسن وترسل سهامها الحاقدة على تلك اللوحة الجميلة والفسيفساء الرائعة، لتغير من جماليتها وتقطعها وتمزقها، فكانت السياسة الطائفية التي انتهجتها الحكومات التي تسلَّطت بفتوى مرجعية السيستاني التي ألزمت الناس بانتخابها هي  السلاح الفتاك الذي اعتمدته من اجل الوصول إلى هدفها وتحقيق مشاريعها الخبيثة، فتسلَّطت وسادت  سياسة وثقافة القمع والإقصاء والتهميش، وسُحِقت ثقافة المواطنة والتعايش السلمي،
 وتحكَّم قانون الغاب فكان القتل والخطف والتهجير والاعتقال والتعذيب والحرمان هو نصيب من لا ينبطح للاحتلال وما رشح عنه من قبح وظلام وفساد وحكومات طائفية ومرجعيات كهنوتية ومليشيات قرمطية، ومحتل اخطر أشرس يتمثل بإيران التي لم تنفك عن تغذية وتعميق وتكريس الشحن الطائفي واللعب على أوتاره، وهكذا صارت تحكم العراق ثقافات هجينة دخيلة وطارئة عليه، ولما خرجت مجموعة من المحافظات التي وقع عليه الظلم والحيف لم تجد أذان صاغية تستمع لمطالبها المشروعة وإنما كانت لغة القمع والمكابرة والعناد هو الصدى الذي يرجع إليها جوابا على مطالبها، ولم تتحرك المرجعية باعتبارها صاحبة القول الفصل والمسؤولة عن تسلط تلك الحكومات ولم تضغط عليها لتلبية مطالب المحافظات السنية المشروعة إلى إن آلت الأمور أن سقطت مدينة الموصول على يد “داعش” الذي كان يتغذى على السياسة الطائفية المتبعة في العراق،
 وكان سقوطها عبارة  عن مسرحية كوميدية تستحق جائزة الأوسكار، وبدلا من أن تصحح الحكومة والمرجعية الداعمة لها من سياستها بتذويب الخطاب والمنهج الطائفي، بادرت إلى خطوة زادت في الطين “بلة”، حينما أطلقت فتوى الجهاد الكفائي، في خطوة تعد خروجا عن أدبيات نفس المرجعية وإيديولوجيتها كونها تعتبر الجهاد مُحرَّما في زمن الغيبة، فكانت تلك الفتوى فتوى تحشيدا طائفيا، لأنها زادت وعمَّقت وكرَّست من الاحتقان الطائفي الذي يسيطر على المشهد العراقي وأشعرت الطرف الآخر انه هو المستهدف منها، مما دفع “داعش” إلى التمدد أكثر واستقطاب الآخرين، فراح المقاتلون يتوافدون إلى العراق تحت ذريعة حماية ونصرة أهل السُنة،
 في حين أن أهل السنة صاروا بين مطرقة “داعش” وسندان مليشيا الحشد التي وجدت من تلك الفتوى الغطاء والمؤمن الشرعي لممارسة أقبح الجرائم بحق العراقيين خصوصا أهل السنة ومن لا ينبطح للمشروع الإمبراطوري الإيراني كما الحال مع المرجع الصرخي ومقلديه، يضاف إلى ذلك أن الفتوى زجت بالكثير من المغرر بهم في معارك خاسرة ومجازر طاحنة، وأما صاحب الفتوى وأولاده وحاشيته ووكلاؤه وسياسيوه فهم في نعيم، والعراقيون في محرقة الاقتتال، والواقع الملموس والمعاش يغنينا عن الإسهاب والبيان  أكثر، فلا الفتوى أخرجت “داعش” أو أوقفت تمدده، ولا التحالف ولا هم يحزنون، بل إنها عمَّقت تواجده وزادت في تمدده كما أسلفنا….
فالفتوى وما أفرزته من تداعيات ونتائج كارثية وفي طليعتها المليشيات التي صارت هي من تتحكم في صناعة القرار السياسي والأمني وغيره ومصدر تهديد للسلم المجتمعي في العراقي خصوصا، و قوة تهديد لدول الجوار والمنطقة تحركها إيران الدخيلة، و”داعش” الذي أنتجته السياسات الطائفية القمعية التهميشية في العراق، وتكاثر وتفقس أكثر وأكثر ببركة فتوى التحشيد الطائفي، فالفتوى وإفرازاتها وإيران و”داعش”، طارئان هجينان دخيلان  على العراق وشعبه ولا خلاص ولا نجاة إلا بخروج الطارئان من العراق وما افرزاه من مايكروبات جرثومية وطفيليات تتغذي على دماء العراقيين الأبرياء، كما قال المرجع العراقي الصرخي في معرض قراءته وتحليله وتشخيصه لفتوى التحشيد خلال اللقاء الذي أجرته معه قناة التغيير الفضائية فكان مما جاء فيه :
 ((…الكلام كثير وخلاصته ما قلناه سابقا، إن الفتوى ولدت ميتة، وان الفتوى القاتلة هي “داعش”، و”داعش” هي الفتوى القاتلة، وان الفتوى الطائفية هي “داعش”، و”داعش” هي الفتوى الطائفية، وان “داعش” طارئ على العراق (كذلك الفتوى وأصحاب الفتوى) كذلك الفتوى طارئة على العراق، ومتى ما خرج الطارئ والطارئ خارج العراق وكفوا أيديهم عن التدخل في شؤون العراق فسيكون العراق وشعبه بألف خير  وإلا من سيء إلى أسوأ…)).