30 أكتوبر، 2024 6:44 م
Search
Close this search box.

صاحبي المصري

يعيش المصريون في كافة أنحاء العالم اليوم في حالة قلق وترقّب شديدين في انتظار ما سيحدث يوم 30 حزيران وما ستنتج عنه من أمور بعد ذلك.

مساء البارحة كنتُ أحتسي الشاي في مقهى شعبي في طرابلس – ليبيا. رآني أحد الأخوة المصريين (يعمل بائعاً للملابس على الرصيف). جاءني مسرعاً، حيّاني وصافحني وجلس إلى جانبي. وبدون مقدمات سألني: “ماذا سيحدث في مصر برأيك؟”

ضحكتُ. ثم قلتُ له: “لن يحدث شيءٌ ذو بال.”

قال: “كيف لن يحدث شيءٌ ذو بال؟ ألا تسمع الأخبار؟”

قلتُ: “بلى، أسمعها، وأتابعها. ولكن لن يحدث ما تخشاه وما يدور في ذهنك. أي لن يحدث في مصر ما حدث ويحدث في العراق وما يحدث حالياً في سوريا.”

(علماً بأن مُحدّثي كان قد قال لي سابقاً إنه قضى أحلى سنيّ عمره في العراق – في بغداد بالتحديد – وإنه لن يجد بلداً طيباً كالعراق ولن يجد أناساً طيبين كالعراقيين. وأكد لي إنه يقول ذلك بلا مجاملة لي.)

قال: “نعم. كلامك فيه الكثير من الصحة. فمصر ليس فيها سُنّة وشيعة!!!”

هممتُ بأن أوضح له أنّ في مصر ثمّة ما يمكن أن يقوم مقام الفتنة التي أحدثها أعداء أمّتنا في العراق ، أي السُنّة والشيعة. ففي مصر يوجد المسلمون والمسيحيون والنوبيون، وهذه تشكيلة يمكن أن يصنع منها الأعداء وصفة ممتازة للفتنة والدمار الذاتي، مثلما صنعوا في عراقنا.

ولكنّي عدلتُ عن إدخال مُحدّثي في هذه المتاهة التي لن يستسيغها بسبب بساطته، وذلك مثلما لم يستسغ بسطاء العراقيين قبل الفتنة فكرة حدوث فتنة بين السُّنّة والشيعة في العراق.

وبدلاً من ذلك قلتُ له: “يا أخي، إن تعداد سكّان مصر يبلغ حوالي ثمانين أو خمسة وثمانين مليون نسمة. والكيان الصهيوني على مسافة مرمى حجر من مصر. لذا فمن غير الممكن لكل أعداء الأمة وأعداء مصر أن يسمحوا بحدوث أمر في مصر قد يتسبب في مجرد إقلاق الكيان الصهيوني وليس في زعزعة أمنه، لاسيّما وأن سوريا الآن في حالة فوضى عارمة وهي على الجانب الآخر من الكيان الصهيوني.”

أسعدتهُ كلماتي وما توحي به من سلام واطمئنان وتفاؤل وثقة، فقال: “لكننا سنطيح بمُرسي يوم 30 يونيو.”

وفي هذه اللحظة إلتفتَ إلينا شخصٌ مصري آخر كان يجلس في الجانب الآخر بالقرب من مُحدّثي، ودخلا في سجال بينهما حول (محمد مُرسي)، رئيس مصر، والإطاحة به وما إلى ذلك من شؤون الساعة في مصر.

تركتُهما في سجالهما، وأكملتُ احتساء الشاي قبل أن يبرد فتضيع نكهته، بينما كنتُ أمنع نفسي من تصوّر قتامة المشهد وبشاعته في حال اندلاع العنف في مصر بسيناريو قريب من سيناريو سوريا. فمصر، بتعداد سكانها الهائل واقتصادها المتهالك والفقر الذي يعيش فيه شعبها، قد تدخل هي والمنطقة كلها في دوامة لا أستطيع أن أتصور لها نهاية في القريب المنظور إذا ما تم تطبيق وتنفيذ سيناريو سوريا فيها.

أحدث المقالات

أحدث المقالات