18 فبراير، 2025 10:57 م

شيعة العراق بين هلالين

شيعة العراق بين هلالين

كنت اتسائل دائما لماذا لا يثبت حد الزنا ((الرجم))إلا بشهادة أربعة شهود ولم يسعفني احد بجواب شافي الا ان وفقني الله لمعرفة ذلك بنفسي ولست مدعيا ان فهمي هو نهاية المطاف بل أقول ابتداءا انه نقطة البداية او الشروع في الهدف ..أدركت بعد اطلاع بسيط على علم الاجتماع ان الإسلام هو الحياة الاجتماعية وانه منظومة متكاملة من لدن لطيف خبير وهو كما يقول الشهيد محمد باقر الصدر(( الإسلام يقود الحياة)) ان سر إثبات الزنا بأربعة شهود هو ((ان الله لا يريد ان ينتقم من الناس فورا .. )) كما ان القاعدة العامة في الشريعة ((تدرأ الحدود بالشبهات)) لانه لابد من خلق توازن في الحياة الاجتماعية وإتاحة الفرصة للمخطئين لعلهم يرجعون الى صوابهم لان مبدأ الاسلام هو التسامح ولكن ليس في كل الامور((ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب)) ان هلالي العيد اللذان ألفناهما كل سنة لهما قصة وحكاية ,, في فلسفة اهل البيت ان كل يوم لم يعصى الله فيه هو عيد ..وفي العرف الاجتماعي ان يوم العيد هو قطعة من الزمن يطرح الناس فيه همومهم ويزيلون اضغانهم وتتصافح قلوبهم ..لكن الذي يفسد كل هذه البهجة هو ان العيد نفسه أصبح مشكلة اجتماعية تشطر المجتمع الشيعي ((المنشطر أصلا)) الى شطرين وبذلك نخلق من الدواء مرضا جديدا , ان العيد الذي كان دواءا هو بحاجة اليوم الى من يداويه الى تصرف بسيط فيه بعض التنازلات والفهم المتجدد للفقه الإسلامي وترك الفهم الكلاسيكي القديم لرؤية الهلال ..يثبت الهلال بالعين المجردة فقط كما يقول اغلب علماء الشيعة لا مشكلة اذا !! ما هو المانع لو شكلت هيئة مهمتها الاجتماع يوم 29شعبان من كل سنة فقط متمثلة من مكاتب المراجع ويأتي من يرى الهلال ويقسم لهم جميعا ثم يعلنون العيد وينتهي الموضوع !! واذا تعذر هذا الامر فلماذا لايتم اعتماد التلسكوب كونه الوسيلة الوحيدة التي تقطع الخلاف نهائيا,, يتحدث العلماء والخطباء ان الاسلام يدخل في تفاصيل الحياة وان الهدف من شهر رمضان ليس العبادة فقط بل هو دورة نظامية وصياغة جديدة للفرد المسلم اذا لماذا تفشل هذه الدورة في نهاية المطاف ومن أول امتحان على المستوى الاجتماعي وليس الفردي ..الحديث طويل وشائك ولا أظن إن له حلا في القريب العاجل ..يقول علمائنا اننا أفضل من المذهب السني الذي توقف على الفقهاء الأربعة الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي ..لأننا تركنا باب الاجتهاد مفتوح!!نعم وهذا كلام صحيح لكن هذا الاجتهاد المفتوح لماذا لا يضع لنا حلا لعلاج هذه المشكلة التي تفسد فرحة المجتمع الذي يئن تحت وطأة الفقر ينتظر يوم يزيل آلامه ولو بصورة مؤقتة ليصنع له فرحة وبسمة ترتسم على محياه البائس المملوء بغصة حيث الفقر والحاجة والتفاوت الطبقي ..إذا كان الفقه يتبنى العين المجردة والعين ليس بوسعها إن تحسم الأمر فما الضير في اعتماد التلسكوب أليس الهدف من الدين هو إسعاد البشرية أو كما يقول احد العلماء الدين هو كلمة التوحيد وتوحيد الكلمة وإذا كانت مثل هذه المسألة لم تستطيع الحوزة أن تضع لها حلا إذا كيف بإمكانها إن تضع حلول لمشاكل الأمة وهمومها لماذا التشبث بالنص إلى درجة جرّ النص إلى مزاجيات الأشخاص وخلق بيئة الخلاف لماذا لا يقرأ النص بروحية الانفتاح ما معنى ان يقول النبي “ص” صوموا لرؤيته وافطروا لرؤيته أليس الأمر واضحا هل ذكر طريقة الرؤية وهل كانت هناك طريقة للرؤية بغير العين المجردة حتى يمكن لكم إثبات إن النبي أراد العين والعين فقط هل كان هناك تلسكوب لكي يختلط عليكم الأمر في الفهم والتفسير ,, إذا لم يتعلم علم الفقه من علم الاجتماع فانه سوف لا يكون إلا ديكور وإطار للعمل العبادي وليس روح العمل التي تمنحه الأمل وتبثه الحياة.    

[email protected]

أحدث المقالات

أحدث المقالات