22 يونيو، 2025 10:06 ص

مقدمة:

حاولت أن أكون حياديا في وقت يصعب ذلك وتصارع النفس والنفس لكن ما أراه أن هنالك قرارات ينبغي أن تتخذ، وان تقاطع الكيان وإيران قد بدأ فعلا وهو ليس تكتيكا كما تظن إيران أو لمسات قاسية نسبيا، وان ما سمح لإيران بالأمس لم يعد متاحا اليوم…. ولابد من قرار حاسم في إبقاء الدولة فقط، لان الموضوع ليس الكيان فالكيان يحفر قبره أيضا وينتهي دوره الوظيفي كقاعدة متقدمة، ولابد من بناء علاقات بنفس غير النفس الإمبراطوري رصينا في الحياة المدنية مع الجوار ومن الآن لكيلا يكون استسلاما محزنا حتى في نفس دول الجوار التي تأذت من خطط إيران التي نفذتها لأنها نفدتها بلا شرح وتفسير وجعلتها هدفا بدل أن تكون أمة.

قصة شمشون في التوراة تبدو قصة أسطورية ولا أدرى إنكتبت بعد تحرير كورش لليهود وإعادتهم إلى فلسطين وبناء الهيكل، (سفر عزرا 1:1–2) (اشعيا 45: 1) هكَذَايَقُولُ الرَّبُّ لِمَسِيحِهِ، لِكُورَشَ لكن عند التوقف لوهلة نجد أن الصهيونية اليوم ترد لكورش فضله بضدهوتتوعد الأتراك الذين استقبلوا اليهود بعد سقوط غرناطة عام 1492، بدأت محاكم التفتيش في إسبانيا والبرتغال، مما أدى إلى اضطهاد اليهود الذين اختاروا الهجرة بدلاً من التنصّراستقبلتهم الدولة العثمانية، ووفرت لهم المأوى والأمان، خاصة في مدن مثل سالونيك، بل وحاربت حق العرب بالعيش منذ احتلال فلسطين وكانوا ومازالوا راس الحربة في أي مخطط ضد الأمة العربية والإسلامية بينما العرب والمسلمين هم الذين أنقذوا اليهود واستقبلوهم وحموهم من الإبادة والتشريد الذي سجله التاريخ الأوربي وعوملوا كأي مواطن من مواطني الدولة، ولا غرابة فالصهيونية كما بينا في مقال سابق أسسها مسيحيون أوربيون متعصبون ضد اليهود مثلااللورد شافتسبرى، ولورنس أوليفانت ووجدوا هذه الفكرة للخلاص منهم خارج أوربا، وهكذا نرى أن الصهيونية ضد اليهود حتى هيرتزل كان علمانيا وله تاريخه ولم يفكر بفلسطين.

عقلية كورش:

من الذي بات معروفا أن إيران تنظر لنفسها كوريثة للإمبراطورية الساسانية ، وكانت توازن إلى قبل السادس من حزيران 2025 بين فكرة ظهور المهدي التي تتضمن القدس حرة وبين كورش فلم تدافع عن اتباع ومقلدين وإنما زودتهم بما يمكن أن يبعد عنها الاصطدام المباشر، لكن هذا المنهج  أجل المواجهة فقط وهذا ضمن قراءة استراتيجية ليست مكتملة، الاصطدام رغم حصوله فمازالت ايران تجامل الولايات المتحدة بالربت على الكيان المدلل وتصفعه بما يشبه الصفعات اللطيفة على خد الرضيع قياسا لقوتها الحقيقية، مغازلة ايران للغرب وللكيان وحربها الكلامية ضدهم سابقا وإنذاراتها التي مازالت مستمرة فما تفعله ايران الآن ويعتبره الكيان تدميرا هو نموذج بما تمتلك ايران وكل ما يخشى أن يدمر سلميا وهو يضيع في أوهام السلام التي تصدقها ايران ويطرحها ترامب بطريقة تلفزيون الحياة وفلتات لسانه التي تدل على تدمير النظام الإيراني قرار متخذ، وايران بسياستها أضعفت العرب وكسبت عداء المحيط ولم تدخل معهم كدولة، ولو دخلت كدولة لوجدت اليوم مصدا فولاذيا حولته إلى ورق عبر السنين، ومع كل هذا هنالك تعاطف بحكم الدين بين الشعوب وبين ايران، فايران ليست نظام وإنما شعب مسلم مهما اختلف الناس واستغل الجهل لكن يبقى في الذاكرة الدمار السريع والرد العنيف، مقابل التأني أمام إسرائيل، واذا تمايزت عقيدة القوم فان الغرب ينظر للمنطقة كعقيدة واحدة فتمنعها التمكين.

شمشون:

قد يكون شمشون كقصة أسطورية بشعر طويل يدل على القوة والسلاح في عصرنا، لهذا نرى أن القوى العالمية أينما ظهر شمشون ترسل له دليلة لتقص شعره، ودليلة اليوم لا تمثل الحب والرغبة فقط بل كل ما في المغريات واستثارة الخوف وغريزة حب البقاء والخيانة والغدر وكل الموبقات، لكن الغرض تجريده من قوته ثم قتله وهذا ما يجري اليوم مع إيران كسابقيها العرب وربما كانت إيران في غفلة أو نشوة السكرة الخادعة بالتمكين عندما تصورت أن العرب جزء من التحدي لمنظومتها فكان ما نرى اليوم، ونفذت ما أرادوا بتفاصيلها فتاتي كلمات التعاطف بدافع الانتماء مصحوبة بدم الأبرياء من أفواه المتعاطفين بحكم الدين.

لكن اليوم مازالت إيران تتعامل بما تعاملت معه من قواعد الاشتباك والرد بقدر الفعل أي كرد فعل، لكن قدراتها برد الفعل ليست كقدرة الكيان بالتقنيات الأمريكية وتكنولوجيتها في الدمار، كما أن حلفاء لها كروسيا لا تريد أن تدخل ما هو خارج حساباتها، وعندما تكتشف ايران أن الظرف ليس قواعد اشتباك، بل هي حرب مصير ربما ستصل مرحلة شمشون وسط أعمدة الهيكل، وهو ذات الوقت الذي سيصل به الكيان إلى نفس النتيجة إن لم تتدخل الولايات المتحدة بكل قوتها لتحسم أمرا تتصور ايران انه تهديد فقط، بينما هو محتمل بشدة ليس كتحدي بل مواجهه للمنظومة وعادة أمريكا لا تهاجم قبل أن ترهق الهدف وهذا هي استراتيجيتها في الحرب منذ الحرب العالمية وتركت مهمة إرهاق الهدف للكيان، فلا ينبغي لإيران أن تتبع توقيتاتهم والا دخلت لعبة الجندي المعمم الأندلسية في الشطرنج.

الاستراتيجية المنطقية:

إطالة الإجراءات والتباطؤ مع الأمل، يضعف إيران ويرهقها لتجد نفسها تسلم خزينها من أسلحة للدمار بيدها وهي الآن مازالت تحكم القرار، فالكيان فيه مساحة هدف ضيقة تعوض الفرق نسبيا بين التكنولوجيا، انتظار الفعل ورد الفعل يجعل هذا الفارق يتقلص لتكون الغلبة التامة للقادم بعدته وعديده ليعيد التصميم وفق ما يشاء، وتدخل أمريكا ليس خيارا وإنما حكم واجب الحدث لان بغيرها فان عقلية شمشون التي سيستحضرها الصهاينة تضرب أوربا والمنطقة وتشعل حربا ثالثة قبل تلاشيها، فستفسر أمريكا تدخلها انه لحماية الغرب.

أحدث المقالات

أحدث المقالات