لم يجد محمد شياع السوداني رئيس الوزراء العراقي فرصة أفضل من حضوره فعاليات منتدى السليمانية في كردستان العراق للإعلان عن نيته الترشح في الإنتخابات القادمة وتجديد ولايته لدورة ثانية.
فرصة إعلان الترشح للسوداني كان تأكيد المؤكد بإنفراط عقد الإطار التنسيقي واللحظة الحاسمة التي أعلن فيها السوداني عن فسخ عقد شراكته مع الإطاريين.
إعلان السوداني جاء بعد إعلان الإطار التنسيقي خلال إجتماعه قبل أيام عدم تأجيل أو إلغاء الإنتخابات البرلمانية المقرر إجرائها في الحادي عشر من تشرين الثاني 2025.
لم يكد الإطار التنسيقي يستفيق من صدمة إعلان ترشح السوداني للإنتخابات حتى تفاجأ بخبر خرج للعلن عن لقاء جمع السوداني بالرئيس السوري أحمد الشرع في الدوحة، وتحول اللقاء إلى مادة دسمة لصراع محلي بين الأطراف السياسية في العراق قد يرتفع ليؤجج الشارع العراقي ضد حضور الشرع القمة العربية المزمع عقدها ببغداد في آيار 2025.
أول الرافضين لهذا اللقاء كان إئتلاف نوري المالكي الذي أكد إن الجولاني لم يعتذر للشعب العراقي لذلك فإن الحكومة هي من تتحمل موقفها بشأن دعوته إلى قمة بغداد.
توصيف الواقع السياسي لما يجري في العراق مع إقتراب الإنتخابات البرلمانية بين كتل وأحزاب الإطار التنسيقي يؤكد إن التنسيقي وصل إلى مرحلة التشظّي بعد ملامح عدم رضا بل ورفض من قبل بعض القوى السياسية لتولي السوداني ولاية ثانية في رئاسة الوزراء، حتى راح البعض يتهم أطرافاً في الحكومة بتعطيل الدور التشريعي للبرلمان في إستجواب عدد من الوزراء، أو الوقوف بوجه بعض القوى السياسية التي تؤيد تغيير قانون الإنتخابات لمنع السوداني من الترشح للإنتخابات، وهو ما يعني في أهم فقراته فيما لو أُقرّ أن يتنازل المسؤول التنفيذي عن منصبه قبل ستة أشهر من الإنتخابات لكي لايستفيد من توظيف المال العام في مشاريعه الإنتخابية، ويُعتقد أن هناك إتفاقاً سياسياً تم تداوله بين الأطراف السياسية والسوداني بعدم الترشح لولاية ثانية مقابل الموافقة على تمرير الموازنة للسنوات الثلاث 2023-2024-2025.
في إنتخابات مجالس المحافظات 2023 لم يشترك السوداني وحزبه في الإنتخابات، لكن يبدو أن الرجل قرر العدول عن قراره بالمشاركة في الإنتخابات البرلمانية مما يعني إشتداد الصراع السياسي بين السوداني وبعض أطراف التنسيقي وفي مقدمتهم نوري المالكي الذين بدأوا بتسخير كل الهفوات والمواقف السياسية وتجنيدها لمصالحهم الإنتخابية.
يبقى في المعادلة الإنتخابية أصوات الحشد الشعبي الذي تُراهن عليه أطراف الصراع السياسي في إستمالة أصوات أعداد منتسبيه لكتلهم وأحزابهم بعد أن أدرك الجميع أن نسب المشاركة قد تكون ضئيلة مع مقاطعة جمهور الزعيم الشيعي مقتدى الصدر لتلك الإنتخابات.
في موقف متزامن يعكس تأزماً في الوضع السياسي العراقي أعلن عدد من أعضاء البرلمان العراقي عزمهم تقديم شكوى رسمية ضد رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني إلى الإدعاء العام بسبب عرقلته تنفيذ قرار المحكمة الإتحادية القاضي بإلغاء إتفاقية خور عبد الله المبرمة مع الجانب الكويتي وذلك إستناداً إلى وثيقة حصلوا عليها.
ما نريد قوله إن العراق مقبل على فوضى سياسية قد تُغرقه في أزمات متجددة قبل الإنتخابات تفرز فريقين متصارعين يرغب الأول بتأجيل الإنتخابات نظراً للظروف الإقليمية والدولية ومخاطر الحرب التي تحيط بالعراق، فيما يؤيد الثاني إجراء الإنتخابات في موعدها وعدم تأجيلها لينتهي بذلك نفوذ السوداني وحكومته.
يبقى للفاعل الدولي والإقليمي القرار الأخير في إقامة الإنتخابات أو تأجيلها والمؤكد أن المشهد السياسي للعراق لازال ضبابياً بإنتظار ماستؤول إليه نتائج التفاهمات الإقليمية.
سيناريوهات صعبة تنتظر العراقيين في أيامهم القادمة قبل الإنتخابات البرلمانية يفرضها واقع سياسي متشرذم وفوضى قد تمتد إلى الشارع العراقي بدأت تكبر مثل كرة الثلج، فما يدور عن نية أمريكا إغلاق سفارتها في بغداد يؤشر بوضوح إلى خصام عميق بدأ يتعمق بين بغداد وأمريكا في أزمة دبلوماسية قد تطيح بالدعم الأمريكي لحكومة بغداد وترسم علاقة عدائية تُخرج العراق من دائرة الإهتمام الأمريكي وهي إشارات قد تفقد نظامه السياسي الدعم الدولي الذي كان يُحظى به وهو ما يجعلنا نؤكد أن الأيام القادمة ستكون صعبة.