21 ديسمبر، 2024 6:11 م

تعالوا اضحكوا، ابكوا..!

تعالوا اضحكوا، ابكوا..!

بين فترة وأخرى، يطل بعض السياسيين على الشعب، من خلال وسائل الإعلام المتعددة، ليغدقوا مواطنيهم، بأجمل المسرحيات والنكات والضحكات، التي تجعل المواطنين بقمة السعادة، خاصة وهم يرون ممثليهم ونخبهم، يتقربون إليهم، ويطلبون ودهم بلطائف الكلمات، وأعذب الأوصاف، وليس هذا فقط، بل أن العراقيين نسوا أو صاروا لايكترثون، لمسرحيات عادل إمام، وطريقته المحترفة في التمثيل، التي أضحكتهم لسنين طوال، فلديهم ماهو أجمل من ذلك بكثير!

البرامج السياسية العراقية، أصبحت ملاذا للعراقيين، فلا مسرحية مدرسة المشاغبين، ولا مسرحية الزعيم ولا غيرهما تسعدهم، مثلما يسعدهم سياسيوهم، الذين يبذلون قصارى جهدهم، ليذهلوهم بعروضهم السياسية، الساعية لدولة المواطنة والديمقراطية، ولايتصور أحد أو يخطر بباله، أن سياسيينا غير مدركين لعظائم الصعاب، وأزمات البلاد، لا؛ بل أنهم ذائبون في وطنيتهم، ويتصارعون لخدمة شعبهم.

قبل فترة وجيزة وفي برنامج حواري، يسأل المقدم ضيفه السياسي “ذو الدم الخفيف”: “كيف أثق بك بكل ممنوعاتك الخاصة؟”، فما كان جواب النائب إلا أن قال له: “أنا طالع بالتلفزيون حتى تثق بيه؟…” وطبعاً هذا من حق النائب، فليس من حق المشاهد أن يقتنع أو يثق، فلا حاجة للقناعة والوثوق، النائب لم يكن بخيلاً قط في طرح مشاريعه، التي تحل من الأزمات المزمنة، بل تقدم بعلاج لبعض القضايا الهامة، التي اختتم حواره فيها، بالقول لمقدم البرنامج “يطبك مرض” عندها يُسدّل الستار على حلقة سياسية، أسعدت الأمهات الثكالى، والأطفال اليتامى!

موقف آخر، وحلقة أخرى من البرامج التي تستضيف النخب السياسية، والضيف هنا نائبة في البرلمان العراقي، فبعد أن حُلّت كل مشاكل الوطن وهمومه، أعلنت النائبة عن رغبتها في الترشح لرئاسة الجمهورية، وأن مادفعها وشجعها لمشرعها هذا، هي تلك السيدة الأمريكية “هيلاري كلينتون”، التي تعيش في دولة من دول العالم الثالث، تلك الدولة، التي ينخر الفساد جسد مؤسساتها، والمفخخات تنهال على بلدها في كل صباح ومساء، لكنها ” كلينتون” أبت إلا أن ترشح نفسها للرئاسة الأمريكية.

لِمَ لا؟! فنائبتنا “وهي فعلاً نائبة”، تعيش في دولتنا، ذات المؤسسات الدستورية القائمة منذ مئات السنين، حتى أن الحاكم الأسود حكم في بيتنا الأبيض، فلا يوجد عندنا لاطائفية ولا قومية ولا بيروقراطية، فالكل سواسية ولترشح نائبتنا، فدولتنا تتحكم في العالم من شرقه لغربه!

تلك النظرة السوداوية، على المواطن أن يتخلص منها، فهؤلاء ممثلونا يخرجون كل يوم ليسعدونا بعرضهم البهلوانية، فهدفهم بناء دولة المؤسسات والمواطنة والديمقراطية، فمفردات “يطبك مرض” للنائب ذو “الدم الخفيف” ومشروع السيدة النائبة في الترشح للرئاسة على غرار تلك الأمريكية “هيلاري” ستخرجنا من عالمنا الثالث بالتأكيد، لكن لا أدري إلى أي عالم آخر ستدخلنا؟